الجميع يريدون سوق المال في أن تستمر على استقرارها وأدائها المنتظم وبعيدة عن كل مايريب، وخالية من الشكوك، وبعيدة أيضاً عن الاضطرابات.
مما يؤسف، أن المستثمرين من قليلي الوعي الاستثماري أوراقهم مكشوفة لدى المتلاعبين من المضاربين، حيث أن تحركهم نحو بعض الأسهم لا يأتي إلا متأخراً من خلال غريزة الطمع التي تحجب عنهم الرؤية الصحيحة،وبالتالي تظهر قرارات الشراء العشوائية من خلال تلك الغريزة، وهي في الغالب ماتحركهم نحو المخاطر وتحملهم أعباء كبيرة جراء الوقوع في فخ الأسعار المتضخمة من جحيم المضاربات.
ردة فعل المستثمرين في السوق المالية بلا شك ستكون محبطة وهم يرون أي ارتفاع متوالٍ وبالنسب العليا لسهم أي شركة، وبلا أي أسباب جوهرية، وبلا أي تفنيد لهذا الارتفاع، وبلا أي ضغط لإجبار إدارة الشركة على التوضيح حول ما لديها والإفصاح عما اذ كانت هناك أسباب خافية لدحض الشائعات التي تتردد حول ماتخفيه من تطورات، وبالتالي إيقاف الشائعات وتفويت الفرصة على من يريد إيصال سعر السهم الى مستويات عليا في المستقبل القريب بهدف إغراء الصغار بالمسارعة بالشراء، وبناء امالهم العريضة على سهم تلك الشركة والوقوع في احضانها أو بمعنى أصح الوقوع في فخ المتلاعبين.
بكل وضوح أقول ان صغار المستثمرين دائماً ما يكونون ضحية لتلاعبات الأسعار التي تتحرك وفقاً للشائعات، وليس وفقاً لمعلومات جوهرية أو خطط مستقبلية أو مؤشرات نمو مستقبلية أو مؤشرات مالية أساسية تعزز من سعر السهم وتدفع بسعره الى الآفاق المرجوة وفقاً لتلك المعطيات.
ما اُعِدَ من سيناريوهات نُفِذَت فيما سبق للإيقاع بالمتداولين من محدودي الوعي سواء كانوا من صغار المستثمرين أو غيرهم، ينبغي الاحتياط له والحذر منه، فالأجواء التي كانت تُهَيأ لهم كاستغلال غريزة الطمع كما ذكرت سابقاً هي ذاتها، خاصة حينما تكون المحدد الرئيس لقرارات قليلي الوعي والخبرة، فمن خلالها يَنفَذ المتلاعبون للإيقاع بضحاياهم وذلك اقتناعاً منهم بأن قليلي الوعي لا يستنفرون ولا يتحفزون للشراء إلا في الأسقف العليا من الأسعار، ومتأخراً.
إن من شأن توفر المعلومات في أي سوق مالية بمختلف تصنيفاتها أن تدفع المستثمرين إلى ممارسة الاستثمار المدروس والمنضبط، وهي مفاتيح نجاح أي استثمار، أما عكس ذلك فإنه يعني تزايد حجم المضاربات العشوائية التي لا تبني اتجاهاتها في الغالب إلا على الشائعات، وبالتالي ازدياد حجم الضحايا، وأي سوق تريد أن تتفادى عدم الاستقرار في أوضاعها مستقبلاً يجب الزام شركاتها بإيضاح مالديها ودحض الشائعات أولا بأول.
مايحصل من توالٍ لصعود أسهم بعض الشركات المساهمة خلال الفترات الماضية والحالية أمر يثير الاستغراب، ولا يبعث على الاطمئنان، ليس كون المستهدفين من جرهم الى الأسعار المتضخمة هم صغار المستثمرين، بل كون الساحة تُرِكت لتضخم الأسعار بغياب المعلومات الصحيحة، فالموانع التي تحول دون الضغط على أي شركة قبل أن يستمر مسلسل صعودها بالنسب العلياً غير معروفة، ولابد أن تجبر الشركات على تقديم إفادة للسوق بما تحمله من جديد، الإفادة ينبغي أن تكون في وقتها وليس بعد فوات الآوان.
نقلا عن الرياض