«سمة» يا «ساما»!

06/12/2015 6
د. عبدالله بن ربيعان

 كتبتُ قبل أربع سنوات عن «سمة» وقلت إنها شوهت سوق الائتمان السعودية، وأنها أفرزت ظاهرة ملصقات الصرافات التي تجاوزت الصرافات إلى أعمدة الكهرباء وأبواب البيوت ولوحات الطرق، في ظاهرة تنبئ عن وجود مشكلة عويصة خلقتها «سمة». ولكن للأسف لم تسمع مؤسسة النقد العربي السعودي.

«ساما» وهي الجهة المشرفة على «سمة» وظلت الأمور من سيئ إلى أسوأ، حتى تجاوزت إعلانات ملصقات الصراف إلى بعض قنوات التلفزيون، وكلها تعِد المواطن بإخراجه من قائمة «سمة»، ولكنها لا تقول ما هو المقابل، إنه نسبة تجاوز 25 في المئة وأكثر على القرض المقدم للمواطن لإخراجه من قائمة «سمة».

كما كتبتُ سابقاً عن قصة المواطن عبدالحليم بخاري مثالاً، وهو الذي وضعته «سمة» في قائمتها بسبب ريال واحد فقط لم يعلم عنه، احتُسب على بطاقة ائتمان حصل عليها ولم يُفعّلها، وقال بخاري - طبقاً لصحيفة عكاظ: «سددت المبلغ، وكنت أعتقد بأنني سأحصل مباشرةً على القرض أو شراء سيارة بنظام التأجير، إلا أن موظف البنك أبلغني أن المعاملة تحتاج إلى ستة أشهر حتى يُرفع اسمي من القائمة».

فهل يجوز وفي أي نظام يوضع اسم المواطن بسبب ريال واحد في قائمة «سمة»؟، ثم يعلق ستة أشهر حتى تتفضل عليه «سمة» وتحدِّث أنظمتها؟

وبالتأكيد لا أحد يدافع عن المماطلين، ولكن لا أحد يرضى بظلم المواطن من المصارف وشركات التأجير وشركات الاتصالات، فـ«سمة» لا تسمع إلا بإذن واحدة، وللمصرف أو الشركة أن يرسل خطاباً لها ليوقف جميع تعاملاتك المالية ويحصرك في الزاوية الضيقة بسبب ريال واحد أو هللة واحدة، وإذا ما سددتها فلا خلاص أيضاً فتحديث أنظمة «سمة» يحتاج إلى وقت طويل، ومن يده في الماء ليس كمن يده في النار، كما يقولون.

والأسوأ أن «سمة» بدأت تضع الناس في قائمتها بسبب قروض الصندوق العقاري، وهو الذي يحتاج إلى 25 عاماً لسداده، كما تضع اسم الشخص حتى وإن كان له دعوى منظورة في القضاء على الشركة أو المصرف في تصرف غير مسبوق ومنحاز للطرف القوي ضد المواطن (الطرف الضعيف).

«سمة» التي تنفي أن يكون عندها قائمة سوداء، وتسميها قائمة المتعثرين كانت مدار الجدل هذا الأسبوع بعد تلقي الناس رسائل من مدارس أبنائهم الخاصة مفيدة بأن المدارس ستتشارك مع الآخرين معلوماتهم الائتمانية من خلال انضمامها إلى «سمة».

فجاء هاشتاق «#نريد_توضيحات_من_سمه» حاملاً السؤال الكبير وهو: بأي حق تشارك بيانات المواطنين التي حصلت عليها «سمة» من المصارف لجهات أخرى غير ائتمانية كالمدارس وشركات الاتصالات والمياه؟ وما علاقة «سمة» التي أنشأتها المصارف لحماية قروضها بنشاط خدمي بحت لا علاقة له بالائتمان؟

وتحت هذا الوسم كتب الكثير من القانونيين والمحاسبين وقادة الرأي بأن ما تفعله «سمة» خطأ يجب إيقافه ومنعه، ولم يسمع صوت «ساما»، وهي المشرفة على «سمة» إلى الآن للأسف.

وقرار المدارس الخاصة بالانضمام إلى «سمة» جعل رئيس مجلس جمعية حماية المستهلك سليمان السماحي يتعهد بملاحقة «سمة»، وأن الجمعية ستتصدى لمحاولة «سمة» ملاحقة أولياء أمور الطلبة الذين يتعثرون في سداد أقساط المدارس الأهلية، معتبراً أن «سمة» لا علاقة لها بهذا الأمر. وهو ما يفتح باب السؤال للجهة المشرفة على «سمة» وهي مؤسسة النقد، لماذا يحدث هذا؟ ولماذا لم تمنعها من ذلك؟

وتحت الهاشتاق الآخر #سمة_تفشي_المعلومات_الائتمانية» كانت الشكوى من تغوُّل «سمة» ودخولها في مجالات خدمية لا علاقة لها بالائتمان موضع الاستياء، كما كانت الشكوى أيضاً من تجاوز «سمة» لنظامها، وهو عدم مشاركة معلومات المواطن لأي جهة إلا بتوقيع خطي منه، وهو ما لم يحصل في حالة المدارس وقبلها شركات الاتصالات موضع التساؤل الكبير.

والأسوأ هو ما ذكره أحدهم من أنه أراد التسديد عن شخص كفله عند إحدى الشركات التي أثارت قضيتها ضجة كبيرة في البلد أخيراً، فرفضت الشركة تسلم أي مبلغ وإخراجهما (الكافل والمكفول) من «سمة» ما لم يتنازل المكفول عن قضيته ضد الشركة في ديوان المظالم، بمعنى أن قائمة «سمة» يستخدمها القوي وسيلة للي ذراع المواطن الذي لا يجد من يدافع عنه.

الخلاصة، وكما ذكرت، لا يجوز الدفاع عن المماطل، ولكن أن تتحول «سمة» وقائمتها لأداة في يد القوي تخنق بها الضعيف فهذا ما لا يقبله منطق ولا عقل. وأن تتجاوز «سمة» نظامها وتدخل في مجال الخدمات وأمور أخرى لا علاقة لها بالائتمان فهذا أمر مرفوض ويجب منعه.

وما لم تتدخل «ساما» وجمعية حماية المستهلك لحماية الناس من تغول «سمة» في سجلاتهم، فلا تستبعدوا إن وجدنا أنفسنا جميعاً في قائمة «سمة» من دون ذنب اقترفناه، وسلامتكم.

نقلا عن الحياة