رسوم الأراضي: يا بعيد وجابك الله

26/11/2015 7
م. برجس حمود البرجس

أخيراً سيتحرر احتكار الأراضي البيضاء داخل المدن والتي لو طوِّرت ووفِّرت للمواطنين لكفت أكثر من 7 ملايين عائلة، حيث إن مساحة الأراضي البيضاء داخل المدن الـ6 الكبرى حوالي 3750 كلم2، بل لأضعاف هذا العدد عند اتباع استراتيجية الإسكان متعدد الأدوار، وللمقارنة فإن عدد العوائل السعودية اليوم 4 ملايين عائلة بين مالك للسكن ومستأجر، وعند ذكر ملاك السكن، يجب أن نذكر أن المساكن الشعبية أكثر من المنازل المسلحة (الفلل) في المملكة حسب تقرير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات لعام 1431 هـ.

كيف ستؤثر الرسوم؟ لنفترض أن أرضاً محتكرة قيمتها 100 مليون ريال، إن بقي السعر كما هو لـ10 سنوات فإن صاحبها سيدفع رسوما قدرها 25 مليون ريال، وإن ارتفع سعر الأرض فمرحباً برسوم أكثر ستذهب إلى وزارة الإسكان وتضخ في المشاريع السكنية المستقبلية، أما إذا انخفض سعر الأرض فهذا المراد والمطلوب وتحقق الهدف، فالأسعار ستغير المسار المعتاد.

قُدّرت قيمة الأراضي التي تنطبق عليها الشروط بـ3 تريليونات ريال، وهذا يعني أن الرسوم السنوية 75 مليار ريال إن لم تنخفض قيمة العقار، أي دخلٌ لوزارة الإسكان يكفي لبناء 150 ألف وحدة سكنية سنوياً، وهذا بالصدفة يساوي عدد حالات الزواج بالمملكة سنوياً.

هذه الرسوم كبيرة جداً وتعادل 3 أضعاف صافي أرباح جميع شركات البتروكيماويات بالمملكة، و5 أضعاف صافي أرباح جميع شركات الاتصالات بالمملكة، وضعفي صافي أرباح جميع البنوك بالمملكة.

رسوم الأراضي ستصبح ثاني أكبر دخل للمملكة بعد النفط، ولو تم تحصيل نصفها فهو جيد ويفي بالغرض.

انخفاض أسعار العقار أحد العوامل المساعدة على التقدم في مشاريع الإسكان، وسيتسبب في زيادة المعروض بعد تطوير المخططات، ولكي نجعل من هذا تحركا اقتصاديا إيجابيا ومزيدا من انخفاض أسعار العقار، فعلى وزارة الإسكان شراء وحدات سكنية من التي تم بناؤها مؤخراً، وأيضاً تطوير الأراضي المستردة خلال العامين الماضيين وبناء المشاريع السكنية بفعالية، حينها سيصبح العقار منخفض السعر ومتاحا للكثير من المواطنين، وأيضاً سيكون السوق العقاري محركا اقتصاديا فعّالا ويدر دخلاً سنويا جيدا للدولة ممثلة بوزارة الإسكان.

أصبح التحّكم في خفض أسعار العقار في قبضة الوزارة، وهذه هي الفرصة الوحيدة التي لن تتكرر لكي تخفض الوزارة من سعر العقار لأي درجة تراها مناسبة، فالعرض سيرتفع بأسعار مناسبة، والطلب سيقل عندما تعمل الوزارة على الشراء من العقار الجاهز وتطوير وبناء الأراضي المستردة وليس المحتكرة، أضف إلى ذلك أنه سيكون هناك دخل كبير من الرسوم كما ذكرنا سابقاً حتى وإن انخفضت قيمة العقار.

حينها، على وزارة الإسكان الالتفاف إلى المناطق المنسية.

ما هي المناطق المنسية؟ 

متى ما حصل السيناريو الذي ذكرناه، فالوزارة أمام فرصة لن تتكرر وهي شراء المنازل القديمة الموجودة في "قلب" المدن وإعادة بنائها، فتلك المنازل تتميز بمواقع وسط المدن ومتوفر لها جميع الخدمات، ولكن عمرها الافتراضي قرب على النهاية ويسكن غالبيتها العمالة الوافدة بأسعار رخيصة.

هذه المساكن يفترض استبدالها بعمائر سكنية جديدة تتكون من 4 أدوار حيث يمكن استبدال كل منزلين متجاورين بعمارة سكنية تتكون من 8 شقق كبيرة.

فرصة وزارة الإسكان تتمثل في تحصيل رسوم وفيرة من "الأراضي المحتكرة"، وتطوير وبناء "الأراضي المستعادة"، والشراء من "الوحدات السكنية المبنية"، وإعادة بناء "المساكن المنسية" في قلب المدن، هذا يحتاج إلى فكر وابتكار وقوة في التنفيذ.

أخيراً يجب أن نذّكر بأن وزارة التجارة والصناعة تشترط قوائم مالية لجميع المؤسسات والشركات، وربما يجب أن تشترط قوائم مالية على الأفراد الذين يقومون على أعمال تجارية، ويمكن من خلال هذه القوائم معرفة مدى الثغرات التي يمكن أن يستغلها بعض محتكري الأراضي، فتسوير أرض كبيرة داخل المدن قيمتها 2000 مليون ريال وبناء سكن تجاري بسيط داخلها وربما صالة رياضية أو مجمع تجاري صغير أو مواقف سيارات ويدر إيرادات فقط 10 ملايين ريال سنويا؛ هذا ليس إلا تحايلا على الرسوم واستمرارا في الاحتكار، ولذا يلزم الرصد.

نقلا عن الوطن