الصين هي أكبر مستهلك للطاقة في العالم.
وتلبي الصين معظم احتياجاتها من انتاجها للطاقة الكهربائية حاليا باستخدام الفحم المستخرج محليا.
ولكن نظرا لعدم استدامة مصادر الطاقة الاحفورية من فحم وغاز طبيعي ونفط وانخفاض كفاءتها في توليد الكهرباء، فإن الصين تعمل جاهدة على خفض اعتمادها على الوقود الأحفوري لصالح الطاقة الشمسية.
وقد تمكنت الصين من القفز إلى المرتبة الثانية عالميا لإجمالي قدرتها الانتاجية من الخلايا الكهروضوئية بنهاية العام 2014.
فقد أضافت في العام الماضي وحده ما يصل إلى 10.5 آلاف جيجا واط، ليصل إجمالي قدرتها الانتاجية إلى 28 ألف جيجا واط سنويا.
أي أنها أضافت في عام واحد نحو 37% من إجمالي قدرتها الانتاجية من الطاقة الشمسية.
وبذلك تعمل الصين على سحب البساط من تحت أقدام ألمانيا لتصبح المنتج الأول عالميا للكهرباء من الطاقة الشمسية. فقد أضافت نحو 7 آلاف جيجا واط إلى قدرتها الانتاجية في النصف الأول من العام الجاري.
السبب الرئيس وراء هذا البرنامج الطموح بيئي في أساسه. فالصين تعاني من مستويات تلوث عالية جدا كنتيجة طبيعية لنمو اقتصادها.
فهي تشهد طفرة غير مسبوقة في زيادة عدد السيارات العاملة بالإضافة إلى نمو احتياجاتها من الطاقة الكهربائية عاما بعد عام.
ولذلك فإن من أهداف هذا التحول الطموح تخفيض حدة تلوث أجواء عاصمتها بكين بحظر استخدام الفحم حولها لإنتاج الكهرباء قبل نهاية العام 2020.
كما أنها تستهدف الوصول بقدرتها الانتاجية إلى 200 جيجا واط في العام 2020، فكيف تعمل الصين على تحقيق هذا الرقم الطموح؟
قامت الصين في العام 2013 بدعم صناعة الألواح الشمسية باستثمارات صافية تصل إلى 23.5 مليار دولار، وهو مبلغ يساوي إجمالي ما رصدته كافة دول الاتحاد الأوروبي.
السر في قدرة الصين على توفير هذه الاستثمارات الضخمة يكمن في سياسة دعمها للطاقة الشمسية بالإضافة إلى صناعة إنتاج الألواح الكهروضوئية.
الأمر الذي أدى إلى طفرة تقنية في تخفيض تكلفة إنتاج ألواح الخلايا الكهروضوئية بما يصل إلى 50%.
حتى اضطرت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من زيادة التعرفة الجمركية على صادرات الصين من الخلايا الكهروضوئية لمكافحة الإغراق الصيني.
وكذلك فقد عملت الحكومة الصينية على تعميق السوق المحلية لرفع الطلب على الألواح الشمسية عن طريق دعم المشاريع الحكومية. فالمباني العامة والبنية التحتية من جسور وأنفاق ومحطات قطارات ومطارات باتت ملزمة بتركيب الخلايا الكهروضوئية.
وفي الوقت الذي يتراجع الدعم الحكومي في أوروبا وأمريكا لسعر بيع الكهرباء الناتجة عن الخلايا الكهروضوئية، فإن الصين ما زالت تعتمد تعرفة تفضيلية بدعم يبلغ ما بين 14 و 16 سنتا لكل كيلو وات بالساعة.
ويشمل هذا الدعم كافة أنواع الألواح الشمسية، سواء كانت أرضية في محطات الطاقة الشمسية أو مستقلة على أسطح البنايات الخاصة.
لقد تمكنت الصين من استغلال الصورة العامة السلبية للأثر البيئي للوقود الأحفوري، بل وتعزيزها حتى تدفع بالاستثمارات نحو طاقة نظيفة كالطاقة الشمسية على الرغم من عدم دقة هذه الصورة العامة.
ولكن مصالحها الاستراتيجية في تنويع مصادر انتاج الطاقة توافقت مع هذا الطرح. فالاقتصاد الصيني سيظل معتمدا على النفط والغاز الطبيعي ولا تلغي الطاقة الشمسية دورهما، ولكنها ستلعب دورا مكملا وأكثر فعالية في دعم نمو الاقتصادي.
نقلا عن اليوم