وأيضا «الفكر» الذي يدير جهاتنا هو السبب في أزمة السكن

15/11/2015 3
عبدالرحمن الخريف

كنت أتمنى من وزير الإسكان لو أنه أضاف فقط كلمة المسؤول أو جهاتنا بعد كلماته بان الفكر وثقافة السكن هي المشكلة التي لدينا، لأنني على قناعة تامة بان ردود الفعل على ماصرح به ستختلف كلياً باعتبار ذلك تشخيصاً جريئا وشفافا لمشكلة السكن وتحولها لازمة وأن فكر هذا المواطن كمسؤول سابق هو الذي أنشأ المشكلة بتوجهات جهته وأخطاء قراراته وتعقيداته في أنظمة التطوير والبناء وتجاهله لمشاكل السكن والإيجارات والشقق ليدفع الثمن المواطن المستحق للسكن بالتملك أو الإيجار المعقول!

ولو تحدثنا بصراحة أكثر فان مشكلة السكن تتعلق بإرث أُنشئت له وزارة الإسكان لمعالجته ولم تكن سببا في الحالة التي وصل إليها وعانى منها المواطن حيث ورثت مشكلة كبيرة تهم شريحة كبيرة من المجتمع تتضارب فيها المصالح بين تجار العقار والمستحقين للسكن المناسب في ظل جمود مسؤولي جهاتنا والأنظمة تجاه تطوراتها حتى وصولها لمستوى محرج ثبت فيه فشل كل الدراسات والقرارات لتبرز حقيقة عدم المقدرة المالية لمعظم المواطنين لشراء الوحدات السكنية او الأراضي على الرغم من توفرها كفلل وشقق خالية منذ سنوات طويلة وحتى الآن لعدم تناسب دخل المواطن مع المعروض من أراضي وفلل وأيضا عدم التنظيم الحكومي الجاد لشقق التمليك لترسيخ مفهوم التملك لها من الشريحة الأقل كوحدة سكنية مناسب للأسرة وكما هو موجود بدول العالم!

فبمراجعة مسببات المشكلة نجد أنها بدأت منذ سنوات طويلة بتوزيع أراضٍ كبيرة وأراضٍ بيضاء على المواطنين وبدون تطوير مع تجاهل البلديات والأمانات والاعتمادات المالية للاستجابة لمطالباتنا للبناء والسكن لتتحول للمضاربات!

ثم تلا ذلك أن جهاتنا - المكونة من مواطنين مكلفين كمسؤولين – تجاهلت مشاكل ملاك العقارات مع المستأجرين في المماطلة في السداد وسوء الاستخدام وعدم إلزام الملاك بالصيانة والإصلاح مما ساهم في رفع الإيجارات وتفضيل الأجانب في التأجير وتوقف نشاط رئيس بجميع الدول في التأجير السكني وهدم الشقق على الشوارع وتحويل الشقق السكنية لنشاطات تجارية والتأجير بالكامل للشركات، ومع محدودية العرض للتأجير ارتفعت الإيجارات وبرزت المطالبة بتملك السكن، فسابقا كان معظمنا مستأجرا بقيمة مناسبة وتملك السكن لم يكن يمثل مشكلة كبيرة إلا بعد أن أصبح يستقطع جزءا كبيرا من الراتب لشقق متهالكة!

وقد تزامن ذلك أيضا مع تجربة فاشلة لتملك الشقق بتجاهل جهاتنا لتطبيق لائحة او نظام جاد لاتحاد الملاك يحفظ حقوق ملاك الشقق فأصبح من كان مقتنعا بتملك شقة كبيرة يبحث عن تملك فيلا بسبب مايعانيه ملاك الشقق من سلبية من بعض الملاك، والغريب انه انيطت المسؤولية عن اتحاد الملاك لوزارة الشؤون الاجتماعية! أليس الأمر غريبا في تنظيماتنا لجميع ما يتعلق بالإسكان.

ولذلك فان أول خطوات الحل الصحيح والفاعل هو المبادرة بتغيير الفكر الذي سيطر على جهاتنا لعقود طويلة ليعمل مسؤولوها بفكر جديد كليا يعتمد على أن حل مشكلة الإسكان ليست مهمة وزارة الإسكان وحدها وان على الجميع كل وفق موقعه دورا أساسيا في ذلك، فالفكر الذي يسير جهاتنا كان سببا في تأزم مشكلة السكن بأنظمة تشجع على التوسع الأفقي وتحرمنا من حق الاستفادة من تلبية الاحتياج عموديا ونهدر مساحات للشمس والغبار، كما أن التعقيدات والسنوات الطويلة للحصول على رخصة التخطيط والتطوير للأراضي الخام كانت مشكلة تخدم ملاك الأراضي المطورة بتجفيف العرض دعمها التعلل بمحدودية النطاق العمراني، إضافة لأنظمة البناء ونسب المسطحات والطول على الشارع لتقليل تجزئة الأرض وإلزامية الارتدادات بنسب لا نحتاجها بمساكننا، حتى انه قبل سنوات قليلة لم يكن مسموحا إلا ببناء دورين وحاليا أضيف فقط نصف دور ويتم هدم الأمتار الزائدة بدون مبرر واضح، بل كان قد وصل الأمر لفكر المسؤولين الى منع الدرج الجانبي بالفلل لعدم توفير وحدتين سكنيتين، هنا هل الخلل بفكر المواطن المحتاج للسكن ام المواطن المسؤول عن نشوء مشكلة السكن؟

نقلا عن الرياض