قبل سنوات كنا نشتكي من محدودية المبالغ المعتمدة لدى جهاتنا للدراسات والأبحاث مقارنة بالدول المتقدمة وكنا عندما نواجه مسؤولي جهاتنا بمشاكلنا يتم التحجج بعدم وجود دراسات وإحصاءات تساعدهم على معالجة تلك المشاكل، ولذلك تم بالميزانيات السابقة اعتماد العديد من الدراساتً للتعرف على المشاكل ووسائل التغلب عليها، بل ان توصيات الدراسات كانت تدعم اعتماد الكثير من المشروعات، إلا أن المؤسف أننا نكتشف مع كل قرار يصدر عدم تحقيقه لما تتطلع له جهاتنا ومجتمعنا.
فعندما صدرت القرارات التي تعتمد على معلومات عن البطالة والإسكان والتمويل العقاري والرسوم وحجم الأراضي البيضاء بالمدن وتكلفة المعيشة ونسب شرائح المجتمع، كان الجميع يأمل بان تلك الأزمات ستنتهي وخصوصا أنها أتت بعد إجراء شركات كبرى لدراسات عميقة – مثلما ذُكر لنا - وجمعت بها إحصاءات مفصلة وتوصلت لنتائج اعتمدت من جهاتنا كثقة في أعمالها، إلا انه وبعد بداية العمل بالقرارات ظهرت أمامنا صعوبات تحول دون تحقق أهداف الجهة، ثم اتضح أثناء بحث المشكلات ماهو أسوأ وهو أن ما اعتمدت عليه تلك الدراسات لم تكن معلومات دقيقة وبعضها غير صحيحة وانه تم انجاز تلك الدراسات إما بالاعتماد على التنظير او بترجمة دراسات بدول أخرى!
ولذلك عندما يتغير الوزير تنكشف الحقائق أكثر بإلغاء توصيات الدراسات السابقة والقرارات التي صدرت بناء عليها، ويتم إقناع الجميع بأهمية القيام بدراسة جديدة مع شركات أخرى! والغريب ارتباط شركات الدراسات وموظفيها مع مسؤول الجهة لينتقلوا معه عند انتقاله لجهة أخرى مع تغيير اسم الشركة الى اسم اجنبي فقط للتوافق مع مجال عمل الجهة الجديدة ولإضفاء مزيد من الثقة حتى وان كانت شكليا بدولة مجاورة.
وحقيقة الأمر لا يوجد هناك ضوابط نظامية واضحة تؤكد على جودة الشركات التي من المفترض أنها تقودنا لاتخاذ القرارات المهمة لجهاتنا لحل مشاكلنا، فوفقا لمرئيات الجهة يتم التعاقد لتصبح مشروعات الدراسات الباب الخلفي للإثراء والتوظيف برواتب خيالية وللنفقات الترفيهية!
بل ان بعض تلك الشركات أصبحت تستطلع آراء مسؤولي الجهة عن حدود نطاق العمل والمعلومات وماذا يريدون من نتائج وتوصيات للتوافق مع آرائهم وبما لا يعيق صرف مستحقاتها وحتى لا ينكشف قصورها وسلبيات سياساتها، وبصراحة أكثر أصبحت تلك الشركات الاستشارية التي تدفع الرواتب الضخمة لمستشاريها؛ بعضهم حاملو شهادات من جامعات غير معترف بها تورطنا بنتائج دراسات وإحصاءات غير صحيحة تسببت في هدر كبير في المشروعات التي اعتمدت بناء عليها وفشل قرارات جهات أخرى اعتمدت على إحصاءات ودراسات الجهة المختصة وهو ما يظهر أمامنا تخبطا في قرارات بعض الجهات.
فعندما نرى قرارات يقال إنها تخفض معدل البطالة بسعودة وظائف بشركات النظافة كعمال وحجب التأشيرات عن شركات مقاولات ونظافة وبالمقابل تمنح آلاف التأشيرات لتخصصات نعاني من بطالة بها نتساءل مافائدة تلك العقود وهل هي التي أثبتت ان معظم العاطلين السعوديين هم حاملو الابتدائية او المتوسطة؟
وعندما نجد ان الدراسات تشير الى ان سبب ازمة السكن زيادة الطلب عن العرض في حين تتجاهل الاف الوحدات السكنية من الفلل والشقق الخالية وان الاراضي المطورة معروضة للبيع ولكن قيمتها اعلى من القدره الشرائية لمعظم افراد المجتمع هنا هل الدراسات اعطتنا الحقيقة ام تجاهلتها لكي لا تكون القرارات فاعلة بحل الأزمة، فالإحصاءات تشير الى وجود نسبة عالية من الأراضي البيضاء داخل المدن وتوصي الدراسات بأهمية تطوير المزيد من الأراضي لزيادة العرض وبدون بحث الأسباب الحقيقية لبقاء الاراضي المطورة وسط الخدمات خالية!
بل لم يتم الكشف عن قصور البلديات لسنوات طويلة في تجاهل التطوير لمخططات شاسعة سبق ان وزعتها على المواطنين او أجازت بيعها بدون تطوير على الرغم انها وسط الخدمات وما يجب اتخاذه من خطوات ملموسة لتطويرها بدلا من الاكتفاء بعقود السفلتة للشوارع التجارية.
نقلا عن الرياض