السياحة في جميع بلدان العالم ضرورية لاقتصاد الدول والرفاهية، وتعد دخلا مهما للدول، وفي المملكة العربية السعودية تعتبر السياحة من القطاعات التي يجب تطويرها لمواكبة التطور وزيادة الدخل وتنويع مصادر الدخل وبناء الاقتصاد والتنمية والإسهام في علاج البطالة، والأهم من ذلك توفير برامج وأماكن ترفيهية للمواطنين والوافدين والزوار. فالسياحة ركيزة أساسية يتم من خلالها تطوير البنى التحتية للبلد.
مازالت السياحة في المملكة تعاني من ضعف التطوير ولم ترتق إلى تطلعات المسؤول وتطلعات المواطنين والزوار، ويعود ذلك إلى اختلاف مناظير الاستثمار، وغموض في الرؤية والاستراتيجيات، وأيضاً غموض في الإحصائيات التي تنطلق منها الأعمال، وهناك أيضاً عدم تجانس بين القطاعات الحكومية. فمثلا لا يمكن تطوير منطقة كعسير أو الباحة أو الطائف كمناطق سياحية قبل اكتمال توسعة المطارات والقطارات والنقل العام، ولا يزال التعامل مع تطوير السياحة "تفكيرا داخل الصندوق" كما يبدو لنا ومتحورا في تجمعات صيفية وشقق مفروشة.
المملكة لديها محفزات كثيرة لتطوير السياحة، فلدينا وفرة في رؤوس الأموال، ويتضح ذلك من خلال "الموجودات والمدخرات" في البنوك إضافة إلى الدعم الحكومي وبرامج القروض الحكومية، وأيضاً لدينا وفرة في الكوادر البشرية ومواسم الحج والعمرة، والمجال مفتوح للاستثمار المحلي، ولا ننسى الطبيعة خصوصاً في منطقة الشمال في موسم الربيع وفي منطقة جنوب المملكة في موسم الصيف.
إضافة إلى ما سبق ذكره وخصوصاً فيما يتعلق بالبنى التحتية، فإن جذب السياح يكمن في "التكامل والتنويع"، فالتكامل ضروري، إذ لا يمكن أن تكون أسعار الفنادق والمطاعم والمنتجعات تنافسية وجاذبة طالما أن المنطقة (عسير مثلاً) يزورها السياح فقط في مواسم الصيف، فبكل تأكيد ستكون أسعار الفنادق مرتفعة لأنها لا تعمل إلا في موسم الصيف وتبقى شاغرة بقية السنة، ولذلك يتوجب إبقاء المنطقة جاذبة طوال السنة وخصوصاً في عطل نهاية الأسبوع، وذلك يتم من خلال إيجاد مدن ألعاب عالمية توازي "ديزني لاند" ومدن مائية ومدن ثلجية وأسواق ضخمة للصناعات التي يقتنيها عادة السياح ومنتجعات مناسبة وملائمة، حينها سيرافق هذه الأعمال برامج سياحية كثيرة مثل العروض وغيرها.
في عملية حسابية بسيطة، لدينا في المملكة والخليج 5 ملايين عائلة، فلو افترضنا أنه توجد لدينا مدينة ملاه عالمية على طراز "ديزني لاند" في الطائف مثلاً، فكل أسرة مجبرة أن تزور هذه المدينة مرة كل 5 سنوات على الأقل، فلو قسمنا عدد العوائل على عطل نهاية الأسبوع في الخمس سنوات، فإن مدينة الطائف سيزورها 20 ألف عائلة كل نهاية أسبوع، أي أنها بحاجة إلى 40 ألف غرفة فندقية (266 فندقا، 150 غرفة في كل فندق).
لا شك أن السياحة وحدها لن تكون كفيلة بتحريك المنطقة إلا في المواسم وعطل نهاية الأسبوع، ولذلك يلزم المناطق المعنية بناء اقتصاد وأعمال متكاملة لتجعل المنطقة تعمل بقية أيام العمل الرسمية، فعند التفكير في بناء سياحة متكاملة لمنطقة عسير أو الباحة مثلا، يجب بناء أعمال وصناعات وتجارة في المنطقتين بمستوى كافٍ لتشغيلهما بقية أيام السنة. أتفق أن الأعمال ليست ذات علاقة مباشرة، ولكني لا أرى مانعا من تأسيس مصانع للأجهزة الكهربائية من مكيفات وأفران وثلاجات وغيرها في الباحة وعسير، وتغذي بقية المملكة متى ما توفرت السكك الحديدية والتي تربطهما ببقية مناطق المملكة، فها نحن نستورد تلك الأجهزة من أقصى بلدان العالم.
السياحة في المملكة ليست فقط هيئة لتنظيم منتجعات صيفية وبحرية فقط، بل منظومة متكاملة وبحاجة إلى تطوير من الدولة وليس فقط الاعتماد على القطاع الخاص. السياحة بحاجة أن تتكامل مع بقية الأعمال والبنى التحتية، ويجب أن تكون وزارة لتستطيع القيام بهذه الأعمال.
وأيضاً يجب أن يعمل لها صندوق استثماري ضخم يقود الأعمال ويحقق الأهداف المرسومة من الدولة، ويكون مصدر إيرادات، وأيضاً يشجع على استثمار القطاع الخاص.
وهذه الصناديق الاستثمارية تتيح فرص الشراكة للشركات والأفراد من خلال طرح أسهم للتداول.
نقلا عن الوطن
ما وجه الشبه بين قيادة المرأة والسياحة الداخلية ؟