أعلن وزير الإسكان ورئيس مجلس إدارة صندوق التنمية العقارية عن صدور موافقة مجلس الوزراء الموقر على تحويل صندوق التنمية العقارية ليصبح مؤسسة تمويلية قادرة على تقديم الأدوات المالية وتقديم الحلول الفاعلة والبرامج المبتكرة في التمويل العقاري والتوسع في الشراكة مع القطاع الخاص، وفي ذات السياق بين مدير عام الصندوق:
"أن استراتيجية التحول المقبلة تركز على ثلاثة محاور رئيسة:
الأول، استقطاب الكوادر الوطنية المؤهلة، والثاني إمكانية وسهولة استثمار رأس مال الصندوق العقاري، والثالث تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في قطاعي التطوير والتمويل العقاريين.
هذه الخطوات حيوية لصندوق أدى دوراً محورياً في التنمية الحضرية للمملكة، لكنه لم يخرج أبداً عن الدور الضيق، والذي كان ملائماً في البداية؛ المتزامنة مع الطفرة النفطية الأولى، التي لم نشهد مثيلاً لها حتى الآن.
والتي كان الأساس فيها: املك أرضا وخذ قرضا.
وفي تلك الأيام لم يكن امتلاك أرض يمثل تحدياً في الاجمال، بل إن الأراضي كانت تباع في البلديات بأثمان زهيدة. لكن الأمر اختلف كثيراً منذ ذلك الحين، وأصبح امتلاك الأرض ليس في المتناول، ثم أصبح الاحتراز على المال (نقداً) لبناء الأرض ليس في المتناول، ثم أصبحت موارد الصندوق محدودة فتكدست الطلبات، وهكذا فقد الصندوق زخمه وجذوة نشاطه، وأصبح يعاني من قلة الحيلة، ليعاني معه عشرات الآلاف من الشباب المتطلعين لامتلاك سكن.
ومع تحسن إيرادات النفط، وضعت الدولة –رعاها الله- من ضمن أولوياتها تعزيز رأسمال الصندوق لزيادة قدرته على تقديم قروض.
الجميع يدرك أن رأس مال الصندوق حتى لو أصبح تريليون ريال لن يكفي لتغطية طلبات سكن السعوديين على المدى الحاضر والمنظور، ولذلك كان لابد من تمكين الصندوق من النهوض للمناسبة، وللمتغيرات الهائلة من حوله التي تجاوزت مجرد تقديم صك الأرض وصورة الهوية الوطنية للحصول على قرض قد لا يكفي لاقامة مسكن الأسرة. ما استجد خلال العقود الأربعة هو ليس فقط نمط معيشة الأسرة السعودية، وكيفية امتلاك الأرض ومساحة المنزل، بل تغير في مفهوم أن يبني الشاب منزل أسرته الصغيرة "تفصيل"، كما لو أنه يفصل دشداشته عند خياطه المفضل.
الآن هناك أنشطة متعددة ضمن القطاع العقاري بوسع كل منها أن يساهم لمصلحة جميع الأطراف، وإضافة لذلك لدينا سوق مالية لم توظف إمكاناتها بعد، ومنظومة للرهن العقاري.
في ذات السياق يُطرح السؤال:
هل لأنظمة الرهن العقاري دور في امتلاك المواطنين لمسكن؟!
لعل توفر المزيد من قنوات التمويل للاستثمار العقاري سيعني تشييد المزيد من الوحدات السكنية، مما يؤدي إلى زيادة المعروض، وبالتالي يحقق –مع مرور الوقت- توازناً بين العرض والطلب وكفاءة في سوق العقار، وبالتالي خفضاً للتكلفة.
لقد صدرت موافقة مجلس الوزاراء الموقر على أنظمة التنفيذ والتمويل والرهن العقاري وتنظم قضايا قبل منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات.
وفيما يتعلق بالرهن العقاري فالخطوات التي أنجزت لم تحدث فرقاً على مدى السنوات الثلاث، فهذا النشاط ما برح لقمة للبنوك التجارية تبتلعها، إذ حتى بعد نفاذ الأنظمة استمر العمل كما كان على مدى سنوات طويلة، والسبب أن هيكلية الرهن، ليست مجرد اصدار تراخيص، بل إنشاء صناعة لها مرتكزات ومؤسسات، وهو أمر لم يتحقق حتى الآن، والمؤمل أن تساهم في تغيير الوضع غير الملائم التعديلات المقرة أخيراً في أهداف الصندوق بتحويله لمؤسسة مالية.
لقد كان مؤملاً أن تؤثر أنظمة الرهن والتمويل العقاري على:
تكلفة التمويل بأن تخفضها، وتؤثر كذلك في تحديد الحقوق والواجبات لأطراف العلاقة في الامتلاك والرهن وفي اتاحة السوق المالية السعودية لتمويل الرهونات العقارية وتسنيدها.
ولكن ما حدث هو ما يلاحظه كل منكم! لم يحدث ما كان مؤملاً، ولم نجد أن سوقنا المالية انشغلت بتسنيد رهون، بل كان الحديث الأحمى وطيساً هو حول 30 بالمائة دفعة أولى لشراء المسكن كشرط لتحريك مسار الرهن! والتي على وزير الإسكان السعي لخفضها، فهذه النسبة المرتفعة تعكس المبالغة الهائلة للتحوط تجنباً لأي مخاطرة، وهو تحوط مطلوب من المقترض الشاب أن يتحمل تبعاته بكاملها بمفرده.
ولعل من الملائم الإشارة إلى أن نظام الرهن تناول سوقاً أولية وسوقاً ثانوية للرهونات، ضمن أمور كثيرة تشير إلى نهج جديد كان يؤمل له أن ينطلق.
وكثر الحديث على مدى سنوات طويلة، ولكن دون طائل –فيما يبدو- عن ضرورة تغيير ما هو قائم من أن البنوك السعودية بنوك تجارية في الأساس لديها ودائع، وتقدم قروضاً مقابل تلك الودائع وفقاً لضوابط يحددها البنك المركزي (مؤسسة النقد العربي السعودي)، ويقنن نشاطها نظام مراقبة البنوك، وأن ذلك يعني أن بنوكنا ليس بوسعها تقديم تمويل طويل المدى، والتمويل العقاري طويل المدى بطبيعته يصل إلى عدة عقود.
ثم إن البنوك التجارية –بطبيعتها كذلك- تستميت للحفاظ على أعلى حد ممكن من السيولة مما يعني أهمية ألا تنكشف على التزامات عقارية طويلة المدى، فضلاً عن أن ما لدى البنوك من ودائع محدود مقارنة باحتياجات التمويل العقاري الترليونية.
نقلا عن اليوم