التعاون المطلوب لدعم أسعار النفط

29/09/2015 1
كامل عبدالله الحرمي

لماذا تصرّ غالبية الدول النفطية على أن تخفّض السعودية إنتاجها النفطي لتستفيد هذه الدول من ارتفاع أسعار النفط وتزيد حصصها في الأسواق العالمية؟ هل على السعودية أن تضحّي من أجل هذه الدول؟ وكيف يُقيَّض لروسيا والمكسيك والبرازيل ومنتجي النفط الصخري والنفط الرملي، الحضّ على رفع أسعار النفط على حساب المملكة؟ كيف يمكن الطلب من أحد التضحية من أجل من يحاربونه؟ أين المنطق في هذا كلّه؟

تحاول روسيا الضغط لرفع سعر برميل النفط كي تستفيد على حساب السعودية، علماً أن روسيا لا تتّفق مع المملكة على كثير من الأمور، وتعارضها مباشرة في ميادين كثيرة. ويحاول منتجو النفط الصخري والنفوط الأعلى كلفة، الحصول على تضحية مماثلة من السعودية. بل ويسعى بعض الأعضاء الآخرين في منظمة «أوبك»، إلى زيادة حصصهم في الأسواق النفطية من دون تعاون وتنسيق وتفاهم في أمور كثيرة مع المملكة.

مؤكد أن أي خفض في الإنتاج، خصوصاً أن الأسواق متخمة بأكثر من ثلاثة ملايين برميل نفط يومياً، ويمكن التخمة أن تزيد، سيوقف انحدار سعر النفط، وسيساهم من دون شك في رفع سعر البرميل، وسيؤدي إلى دفع الأسعار إلى الأعلى وبشدة، لا سيما إن أرادت المملكة مواصلة دورها القيادي في إدارة البيت النفطي وترتيبه وتنظيمه. لكن على حساب من؟ ومن الخاسر الأكبر؟

سترحّب الدول النفطية حتماً، بل وستفرح بقرار الخفض، لكن من المستفيد؟ أليس المستفيد هو الدول النفطية من خارج «أوبك»، خصوصاً منتجي النفط الصخري وقبلهم روسيا، إذ سترتفع قيمة الروبل من دون كلمة شكر؟ أين مصلحة السعودية والكل يستفيد وهي تخسر حصصاً، هي التي استثمرت وعملت لتثبيت حصصها السوقية؟ ولمصلحة من الخفض؟

ثمة إصرار على قـــرار بالخفـــض من السعـــودية، فيمـــا مزيــــد من النفط العـــراقي والإيــــراني سيصل إلى الأسواق وبكمــــيات منافسة، ربما للنفط السعودي نفسه، فيما لا يزال الطلب العالـــمي علــى النفط ضعيفاً، وأداء الاقتصاد الصيني، المستــــورد الأكبر الثاني للنفط في العالم، متعثراً في أدائه.

لا جدوى من قرار أحادي سعودي من دون مشاركة روسيا والنروج والمكسيك في الاتفاق على سعر أو نطاق محدّد لسعر النفط في الأجل القريب، لكن لا بد من قناعة عامة بالأمر. كذلك، لا بد من قناعة عامة بعدم استفادة المملكة من الخفض الأحادي، الذي سيصبّ في مصلحة المنافسين الآخرين غير دول مجلس التعاون الخليجي، التي عليها أن تتحمّل النسبة والكمية الكبريين من الخفض.

تصرّ روسيا على عدم التعاون مع «أوبك»، ولا تحاول حتى أن تتعاون أو تحضر اجتماعات المنظمة كمراقب مثلما كانت تفعل في الماضي، هي التي تسيطر على قرارات الشركات الروسية. لماذا لا تحاول الدول الأخرى الأعضاء، مثل فنزويلا وإيران والجزائر، مخاطبة روسيا في هذا الشأن؟ هذه الدول تتوجّه فقط إلى الدول النفطية الخليجية، علماً أن الدول الثلاث غير الخليجية هي الأكثر تضرراً من انخفاض أسعار النفط، وهي التي ستواجه صعوبات مالية، وهي الأقرب سياسياً إلى روسيا.

على «أوبك» هذه المرة احتساب تكاليف إنتاج النفط غير التقليدي لأنها أخطأت في حساباتها المرة الماضية، ولم تعرف تماماً تكاليف إنتاج الدول من خارجها، فإنتاج النفط غير التقليدي الأعلى كلفة لم يتأثر كثيراً بقرار «أوبك» الأخير إبقاء إنتاجها على ما هو عليه. ولا مناص لأي اتفاق على خفض الإنتاج من أن يشمل نطاقاً سعرياً محدداً لمعدل سعر النفط، لتتحرك الأسعار حول معدل محدود. ويمكن عندها التدخل بهدف تحقيق خفض آخر للإنتاج في حال انخفاض أسعار النفط إلى أقل من نطاق الإطار المطلوب.

نعم لخفض الإنتاج وتحقيق الاستقرار في أسعار النفط الخام، لكن بمشاركة شاملة وبمشاركة دول من خارج المنظمة النفطية «أوبك». أما أن تتحمل السعودية وحدها مسؤولية الخفض، فهذا ليس عدلاً ولا إنصافاً ولا منطقاً.

نقلا عن الحياة