مقارنة بين أداء الشركات البتروكيماوية

22/09/2015 7
د. سليمان الخطاف

صدر قبل ايام تقرير مجلة ICIS عن اكبر 100 شركة كيميائية في العالم للعام 2014م.

وكما هو متوقع تصدرت شركة باسف الالمانية القائمة بمبيعات تعدت 90 مليار دولار، وجاءت سينوبك الصينية ثانياً بمبيعات وصلت حوالي 70 مليار دولار.

واما المركزان الثالث والرابع فكانا لكل من شركة داو كميكال واكسون موبيل بمبيعات قاربت 60 مليار دولار.

وبحسب هذه النشرة فقد جاءت سابك خامسا (مبيعات تقارب 50 مليار دولار) وليونديل باسل سادساً بمبيعات تقارب 45 مليار دولار.

ويبدو واضحاً ان الشركات الامريكية والشركات العالمية المتقدمة استفادت من توفر اللقيم في امريكا باسعار منخفضة مما ساهم في رفع ترتيبها في هذه القائمة.

هذا مع العلم ان اغلب المشاريع الجديدة بامريكا ستبدأ بالانتاج ما بين 2018-2020م. وهذا يدل على انه بعد خمس سنوات قد نرى تغيراً جذرياً في خارطة الصناعات البتروكيماوية بالعالم.

لقد اسفرت ثورة الغاز الصخري في امريكا عن نهضة حقيقية وجديدة للصناعات البتروكيماوية.

فعلى سبيل المثال في عام 2011م وقبل ما يعرف بطفرة الغاز الصخري، كان انتاج امريكا من الايثان وهو اللقيم الافضل لانتاج البلاستيك حوالي مليون برميل باليوم وكان يعادل الطلب الامريكي.

وكانت اسعاره آنذاك بحدود 6 - 8 دولارات للمليون وحدة حرارية. وينطبق نفس الحال على لقيم البروبان حيث كان الانتاج (1.2 مليون برميل باليوم) ويعادل الطلب الداخلي بامريكا.

ولكي ندرك اهمية ما يحدث في امريكا الآن، علينا ان نعلم ان انتاجها الحالي من الايثان قد ارتفع الى حوالي 1.8 مليون برميل باليوم اي زاد في اربع سنوات بحوالي 80 %.

مقابل ارتفاع الطلب الى 1.25 مليون برميل باليوم وهذا يعني ان هنالك حوالي نصف مليون برميل باليوم من الايثان فائض وهذا ما جعل المنتجين يبيعونه مع الغاز الطبيعي بدون فصله.

واما الانتاج الأمريكي من البروبان فلقد ارتفع ايضاً الى حوالي 1.8 مليون برميل باليوم اي بزيادة قدرها 50 % لنفس الفترة. ويبلغ فائض البروبان حالياً حوالي نصف مليون برميل باليوم.

ولذلك فان التصدير الى خارج امريكا هو الحل او انشاء المزيد من المصانع البتروكيماوية لاستهلاك هذه الكميات الهائلة والفائضة من اللقيم المتنوع للصناعات البتروكيماوية.

وبحلول 2020م سيرتفع الانتاج الامريكي من لقيم الايثان الى حوالي 2.5 مليون برميل باليوم وسوف يعادل الطلب بامريكا على الايثان آنذاك وهو انتاج حوالي 12.5 مليون طن اضافية من الايثيلين بعد خمس سنوات.

واما البروبان فستظل امريكا تنتج فائضاً منه وحتى حلول 2020م حيث سيصل انتاجها من البروبان الى حوالي 2.1 مليون برميل باليوم، وبذلك يتوقع ان تصدر حوالي 0.8 مليون برميل باليوم من البروبان مما سيعني انها ستكون مصدرا رئيسيا لهذه المادة في العالم.

وفي ضوء هذا الانتاج الكبير من انواع مختلفة من اللقيم المفضل للصناعات البتروكيماوية انخفضت اسعار هذه المواد المستخدمة كلقيم الى حوالي 3.5-2.5 دولار للمليون وحدة حرارية وهي اسعار تكاد تكون تاريخية بالنسبة لامريكا.

وقد يكون هذا أحد أسباب عدم تأثر أرباح الشركات البتروكيماوية بامريكا كثيراً بانخفاض اسعار النفط، عكس مثيلاتها من الشركات البتروكيماوية الخليجية التي تنتج البلاستيك.

فعلى سبيل المثال ارتفعت ارباح شركة داو كميكال في النصف الاول من هذا العام الى 2.5 مليار دولار وهي زيادة بحوالي 0.7 مليار دولار عن ارباح النصف الاول من عام 2014م. واما ارباح شركة ليونديل باسل فلقد ارتفعت لنفس الفترة بحوالي 300 مليون دولار.

واما الشركات البتروكيماوية بالمملكة والتي تنتج البلاستيك فلقد تباين اداؤها كالتالي:

انخفضت ارباح سابك في النصف الاول للعام الحالي بحوالي 0.75 مليار دولار مقارنة بالعام الماضي واما ينساب فلقد انخفضت ارباحها هي الاخرى بحوالي 175 مليون دولار.

واما شركة التصنيع فلقد سجلت خسائر بحوالي 117 مليون دولار لنفس الفترة. الاكيد ان اسعار منتجات البلاستيك والمنتجات البتروكيماوية الاخرى قد انخفضت وساهمت في انخفاض ارباح الشركات بصورة عامة.

ولكن السؤال المطروح هو لماذا لم تنخفض ارباح داو كميكال وليونديل باسل؟

هل انخفاض اسعار الايثان الى حوالي 3 دولارات للمليون وحدة هو السبب. مع العلم ان سعر الايثان بالمملكة يبلغ 0.75 دولار للمليون وحدة حرارية منذ 1998م ولم يتغير رغم الطفرة الهائلة باسعاره التي تعدت في عام 2010م 10 دولارات للمليون وحدة.

ولكن مما يميز كثيرا من الشركات البتروكيماوية العالمية هو تنوع منتجاتها وتركيزها على انتاج كيماويات للقطاع الزراعي والحيوي والذي لا ينخفض الطلب عليه لانه مصدر غذاء.

بالاضافة الى اعتمادها على انتاج المواد المتخصصة وابتعادها عن الاعتماد على التجارة بالمواد الاساسية التي لم تعد مربحة كثيراً خاصة مع انخفاض اسعار اللقيم في امريكا الشمالية.

واما القرارات الاستراتيجية مثل الاستحواذات والاندماجات وقرارات الاستثمار بالمشاريع الكبيرة وتوقيتها فتكاد تكون اهم اسباب استمرار نجاح هذه الشركات.

ان حدوث الاستحواذات في الشركات البتروكيماوية هو امر طبيعي واستراتيجي وشاهدنا بعض الاستحواذات الذكية التي غيرت مسار الشركات الى الابد، ولكن شاهدنا ايضاً بعض الاستحواذات التي لم تكن مدروسة بعناية مما ادى الى تدهور حال بعض الشركات.

نقلا عن اليوم