التحولات في مسارات الاقتصاد العالمي والمحلي جزء منه والتذبذب الواضح والكبير في أسعار النفط بشكل خاص وهي التي تمثل بالنسبة لوطننا العزيز العصب الرئيس في مسيرته التنموية وما يصاحب ذلك من اهتزازات في خطوات التنمية الوطنية وفي بناء الميزانيات المالية وما يتبعه من خلل في التركيبة الاقتصادية يجعلنا نتساءل ونتحاور حول أهمية الاستعداد لليوم "الأسود" لا سمح الله في يومنا "الأبيض" ولعلّ من أبرز مجالات الاستعداد ما يتعلق بمشروعاتنا التنموية الوطنية وأهمية أن تكون متوازنة تتعاطى مع كافة الظروف السلبية التي يمكن أن تحدث في مسيرة الأوطان..
وكنت قد كتبت في هذه الزاوية قبل عدة أعوام عن أهمية التوازن وعدم المبالغة في مشروعاتنا التنموية التي يظهر عليها أحياناً "الترهل غير المبرر" وأحياناً أخرى التكلفة "غير المنطقية" في عمليات الإنشاء والتشغيل أيضاً.. فمن جامعة تتنقل طالباتها بالقطارات! مروراً بقطارات تحت الأرض "المترو" في محاولات لمعالجة إشكاليات النقل مثلاً إلى مشروعات تنموية أخرى تتميز بالجودة والجمال من حيث الفكرة لكنها تفشل كثيراً وترهق ميزانية الوطن عند النظر إلى آليات تشغيلها، وهو أمر يجب على المخططين في هذا الوطن العزيز التنبه له بكثير من الدقة وعظيم من التقدير، فنحن لا نحتاج في وطننا إلى المبالغة "الفاحشة" في مسألة المشروعات الحكومية لكننا بحاجة أكثر إلحاحاً إلى مشروعات تساهم في تنمية الوطن وتطوير بنيته التحتية وتستوعب تشغيل أبنائه بما يساهم في معالجة إشكالية البطالة التي يعاني منها الوطن، دون إرهاق لميزانيات الوطن فيما يتعلق بعمليات التشغيل خاصة إذا كان المشروع التنموي ليس ملحاً أو يمكن تنفيذه بطرق أكثر اقتصادية من ناحية التنفيذ ومرحلة ما بعد التنفيذ "التشغيل" وهو أمر مهم جداً ويجب الالتفات إليه من خلال قطاعات الوطن الحكومية المختلفة الأمر الذي يجعلنا نستبشر بقرار مجلس الوزراء يوم أول من أمس القاضي بالموافقة على إنشاء "البرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات في الجهات العامة" مؤملاً أن يسعى هذا المجلس إلى استباق تشييد المشروع من خلال بناء مواصفاته وكل ما يتعلق بتشييده شاملاً ما يرتبط بتشغيله مع التركيز على ما يخدم توفير النفقات سواء كان الوطن في حاجة إلى ذلك أو لم يكن..
وبقدر ابتهاجنا بهذا القرار الكريم إلاّ أننا نتطلع كمواطنين إلى أن يكون لهذا البرنامج إدارة قوية حازمة لا يتم اعتماد أي مشروعات حكومية إنشائية داخل الوطن أو خارجه وخاصة ما يتعلق بالبنى التحتية الوطنية إلاّ بعد استحسان هذا البرنامج للمشروع الحكومي ودراسة جدواه الاقتصادية والتنموية وكذلك آليات تشغيله التي "يجب" أن تتصف بالصبغة الاقتصادية التي تساهم في تقليل التكاليف على كاهل الوطن العزيز.. فهل تتحقق آمالنا الوطنية بهذا البرنامج الوطني الجديد؟ وهل يقضي تفعيل هذا البرنامج على ما نلاحظه من "ترهل" في مشروعاتنا الوطنية التنموية؟
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع