وقف دعم الابتعاث الداخلي

01/09/2015 5
صلاح الدين خاشقجي

قامت بلومبيرج بنشر خبر نسبته إلى «مصادر مطلعة» على موقعها في 25 أغسطس 2015 أن السعودية تعمل على خفض الانفاق الاستثماري الحكومي بنحو 40 مليار ريال هذا العام. وتقليص الميزانية خطوة مهمة لإصلاح وإعادة هيكلة الإنفاق الحكومي.

فدائما ما تؤكد الميزانيات على أن الاستثمار في المواطن، وخصوصا الشباب، وفي رفع مستوى التعليم من أهم أولوياتها. ولذلك عملت على دعم القطاع الخاص لتطوير وتقديم التعليم العالي الأهلي بشكل غير مباشر ببرنامج الابتعاث الداخلي.

وبينما يتم تداول أخبار عن إلغاء وزارة التعليم العالي لهذا البرنامج، فإنها خطوة على الطريق الصحيح باستهداف المصروفات غير الكفؤة في تحقيق أي هدف اجتماعي أو اقتصادي أو حتى استثماري.

يصل متوسط تكلفة التعليم الجامعي في الجامعات الأهلية إلى نحو 80 ألف ريال سعودي سنويا، في أن نفس المتوسط في الولايات المتحدة يصل إلى 137 ألف ريال سعودي فقط!

وبالنظر إلى مستوى التحصيل العلمي لخريجي برنامج الابتعاث الخارجي من الولايات المتحدة مقارنة مع مستوى التحصيل العلمي لخريجي الجامعات الأهلية السعودية، يبدو أن ما تحصل عليه الجامعات الأهلية السعودية من الحكومة ليس إلا هدرا ماليا.

فهي كما فشلت في دعم قطاع التعليم العالي السعودي وتطويره أكاديميا إما عن طريق استقطاب خبرات خارجية مؤهلة أو تخريج كادر وطني، فقد فشلت أيضا في تلبية احتياجات سوق العمل.

وبذلك لم تتمكن من المساهمة في حل مشكلة البطالة لدى الشباب السعودي. بل حتى إنها لم تنجح في إرضاء زبائنها من الطلاب، فكثرت الشكاوى والتذمر من الإدارات وطواقم التدريس.

ما جعل التعليم العالي الحكومي مفضلا لدى المجتمع، فالطالب لا يلجأ إلى الدراسة في جامعة أهلية إلا بعد استنفاد كافة الوسائل للالتحاق بإحدى الجامعات الحكومية.

وما ذلك إلا نتيجة طبيعية لإهمال هذه الجامعات الاستثمار في جودة ما تقدمه من مادة علمية لتعظيم هوامش أرباحها، فأصبحت أموال البعثات الداخلية تبدو وكأنها تذهب إلى جيوب القائمين على مشاريع الجامعات الأهلية.

سوق العمل السعودي ليس بالسوق الصغير غير القادر على توفير الوظائف الكافية لشبابه. فالقطاع الخاص يوظف أكثر من 8 ملايين مواطن ووافد. ولكن في نفس الوقت، فإن معظم الوظائف في هذا السوق الكبير لا تحتاج إلى شهادات جامعية، بل إلى تعليم وخبرات تقنية.

وقد كتب د. جون سفاكياناكيس في جريدة اليوم أكثر من مرة عن حاجة السعودية لتوجيه الطلاب إلى التدريب المهني والتقني، واصفا إياه بحل معضلة البطالة.

وأضيف على ذلك بان «سعودة العمل» بإحلال الشاب السعودي مكان الوافد الأجنبي في الورش وأسواق التجزئة سيعمل أيضا على تخفيض التحويلات الأجنبية النقدية إلى خارج السعودية وتخفيف الضغط الاستهلاكي على موارد اقتصادنا المحدود من سكن وطاقة.

عملية مراجعة أداء الانفاق الحكومي مقارنة بالأهداف العامة لكل برنامج مهم لإزالة ترهلاته من مصاريف غير ضرورية.

فكما أن اقتصادنا بقطاعيه، العام والخاص، يعتمد بالكلية على الانفاق الحكومي، فلا يمكن تقليص الانفاق بدون انكماش الاقتصاد.

ولكن يمكننا الحد من هذا الأثر بدفع القطاع الخاص لتحمل المزيد من المسؤوليات بدون دعمه بالإضافة إلى الحد من حجم الميزانية وجعلها أكثر رشاقة.

نقلا عن اليوم