مع أن المبادرة الجديدة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين لابتعاث الخارجي "وظيفتك وبعثتك" التي تبنتها وزارة التعليم تساهم نظريا في حل مشكلة عدم توظيف خريجي الابتعاث وتضمن توافق تخصصاتهم مع سوق العمل، إلا أنها أقحمت الوزارة في مسؤولية التوظيف لشريحة من الخريجين، وهي المسؤولية التي ليست للوزارة علاقة بها بعد اعتمادها للتخصصات التي نحتاجها وفق التنسيق المتواصل منذ سنوات مع وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل، فمن خلال مانشر عن إبرام وزير التعليم لاتفاقيات مع جهات حكومية سيتم ابتعاث العديد من الطلاب للدراسة بالتخصصات التي تحتاجها كل جهة ليتم توظيفهم بعد عودتهم لديها، إلا انه من الواضح من الأرقام الكبيرة لعدد من سيتم ابتعاثهم لصالح كل جهة أن الجهات الحكومية قد تواجه مشكلة حقيقية في توظيفهم تتعلق بتوفر الوظائف الشاغرة التي لاتملك الجهات الحكومية إحداثها بميزانياتها لكونها تعتمد على حجم الاحتياج المستقبلي وظروف إعداد ميزانية الدولة التي تتم من قبل وزارتي المالية والخدمة المدنية المغيبتين عن مبادرة وزارة التعليم!.
فمع الإعلان عن تلك الاتفاقيات التي لم يكشف عن بنودها أبرزت التصريحات الرسمية بأن كل جهة ستشارك في اختيار ومتابعة من سيتم ابتعاثهم وستضمن للخريج التعيين بالجهة، في حين أن بعض الاتفاقيات نجد أنها عبارة عن مذكرات تفاهم وتعاون مثل ما تم مع وزارة الصحة ومؤسسة النقد وليس كما نشر بأنها اتفاقيات عامة للابتعاث والإلزام بالتوظيف، وبالتالي فإنه في حال عدم توفر الوظائف للتعيين سيكون خريج الابتعاث هو المتضرر الوحيد من هذا اللبس في مفهوم الاتفاقيات أو عدم تمكن الجهة الحكومية من إحداث الوظائف التي التزمت بها بالاتفاقية، وهو ما سيوقع وزارة التعليم والجهات الحكومية في مشاكل متعددة مع المبتعثين وخصوصا أن كل الجهات -وإن كانت المجاملة واضحة- قد أعلنت التزامها مع وزارة التعليم بتلك الاتفاقيات قبل ابتعاثهم.
وفي الجانب الآخر فإن ما أعلن من أعداد كبيرة في كل اتفاقية قد يشمل الاحتياج للنشاط سواء بالجهة الحكومية أو بالقطاع الخاص الذي تشرف عليه الجهة وهو معظم الوظائف المتاحة خاصة عند التوجه للتوسع بالخصخصة، وهو الأمر الذي لم يكن واضحا في التزام الجهة بالتوظيف لكونها لاتملك الآليات النظامية بالإلزام للتوظيف بالقطاع الخاص، إضافة إلى أن مؤسسات القطاع الخاص والجهات الحكومية ستستمر خلال فترات دراسة المبتعثين في تعيين خريجي جامعاتنا ومعاهدنا المتخصصة، وهو ماقد يحرج وزارة التعليم في تبني مبادرة ناجحة نظريا ولكن لايُضمن تحقيقها باتفاقيات مع جهات أخرى!
ويبقى أن سعي وزارة التعليم لضمان توظيف خريجي الابتعاث قد تسبب في وجود تباين في الاهتمام بتوظيف خريجي الابتعاث دون خريجي الجامعات السعودية التي تشرف عليها، وهو أمر يجب تداركه وتحقيقه لخريجي جامعاتنا عبر التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية للإسراع في توجيههم للجهات الحكومية، ومع وزارة العمل ببرامج سعودة فعلية للوظائف التي تناسب مؤهلاتهم بدلا من برامج التوظيف الشكلية التي يرى من يلتحق بها أنه مازال عاطلاً!.
نقلا عن الرياض