عادت أسعار النفط الخام للتراجع من جديد بحيث وصلت الآن إلى ما يقرب من أدنى مستوياتها هذا العام، فعلى الرغم من دلائل على توقف نمو إنتاج الولايات المتحدة بثبات إنتاجها عند حوالي 9.5 ملايين برميل يومياً، إلا أن هناك نمواً في إنتاج دول أخرى من بينها المملكة والعراق وروسيا نتج عنه بالضرورة مزيد من الضغط على مستويات الأسعار، زاد من حدته توقع تدفق مزيد من النفط الإيراني إلى الأسواق مع رفع العقوبات عنها.
الشرارة التي تسببت في هذا الانحدار الحاد في أسعار النفط كان قرار منظمة أوبك أواخر العام الماضي بالتوقف عن القيام بدورها التقليدي كمنتج متمم، أي أن تنتج ما يكفي من النفط لضبط توازن العرض والطلب بما يضمن قدراً من الاستقرار في الأسعار، وبدلاً من ذلك قررت اتباع سياسة مغايرة تماما تستهدف الدفاع عن حصتها السوقية دون اكتراث بانعكاس ذلك على مستويات الأسعار.
هذا القرار من جانب أوبك يظهر تجاهلاً للطبيعة الخاصة للسوق النفطية كونها سوقاً لا يمكن أن تكون سوقاً تنافسية وأنها لم تكن كذلك طوال تاريخها، فهذه السوق بطبيعتها في حاجة مستمرة إلى من يضبط حجم المعروض النفطي حتى لا يتجاوز العرض حجم الطلب وتنهار الأسعار كما يحدث حالياً.
وعلينا أن ندرك أنه ليس من قبيل الصدفة أن يوجد منظمة لمنتجي النفط في العالم ولا يوجد منظمة لمنتجي الحديد أو الألماس أو حتى الغاز أو أي سلعة أخرى. وليس من قبيل الصدفة أيضا أن تتصف السوق النفطية طوال تاريخها بأنها سوق مقيدة يوجد فيها دوماً من يتحكم بحجم المعروض النفطي تفادياً لانهيار الأسعار، بدءاً بجون روكفلر ومروراً بشركات النفط الكبرى أو الأخوات السبع، وانتهاء بسيطرة منظمة أوبك على السوق النفطية طوال العقود الأربعة الماضية.
من ثم فتاريخ السوق النفطية يظهر أن هذه السوق تتعرض لتذبذبات عنيفة جداً عندما لا يكون هناك جهة تتحمل مسئولية ضبط مستوى العرض النفطي وهذا تماماً ما تشهده السوق حاليا بعد قرار منظمة أوبك التخلي عن القيام بهذه المهمة في وقت لم تبرز فيه جهة أخرى بديلة لتقوم بهذا الدور.
في ضوء كل ذلك فإن هناك ثلاثة سيناريوهات ممكنة لاتجاه أسعار النفط الخام خلال المرحلة القادمة:
1-أن تعيد الأوبك النظر في استراتيجيتها فتقيد إنتاجها بصورة تسمح بالحد من فائض العرض في السوق والذي سيسمح في ارتفاع سريع في أسعار النفط الخام عند مستويات مقبولة للمنتجين داخل وخارج أوبك، وهذا هو الخيار الأنسب لدول المنظمة والمحقق لاستقرار السوق والصناعة النفطية.
2-أن تستمر أوبك في استراتيجيتها الحالية فتبقي أسعار النفط الخام عن مستويات منخفضة، والذي سيلحق بالغ الضرر في الصناعة النفطية داخل وخارج أوبك نتيجة تراجع حجم الاستثمارات الموجهة لهذه الصناعة، فيتراجع حجم الإنتاج النفطي بصورة تدفع الأسعار إلى الارتفاع بصورة كبيرة بعد عدة سنوات مع انخفاض حجم المعروض النفطي، ومع انجذاب مزيد من الاستثمارات إلى هذه الصناعة يرتفع الإنتاج بما يفوق حجم الطلب فتنهار الأسعار من جديد، وهكذا دواليك.
أي أنه سيناريو التذبذب العنيف الذي يمثل السناريو الأسوأ المتوقع الحدوث في ظل سياسة أوبك الحالية والذي سيلحق بالغ الضرر في الصناعة النفطية وفي اقتصادات الدول المنتجة.
3-أن تتولى جهة أخرى غير أوبك مسئولية ضبط أداء السوق النفطية بالقيام بدور المنتج المتمم، والجهة المرشحة للقيام بهذا الدور هم منتجو النفط غير التقليدي كمنتجي النفط الصخري ومنتجي النفط من الرمال النفطية، ففي ضوء ارتفاع تكلفة إنتاجهم مقارنة بدول أوبك فهم بحاجة إلى استقرار الأسعار عند مستويات عالية نسبيا تسمح لهم بمواصلة إنتاجهم وجذب مزيد من الاستثمارات إليهم. إلا أن هذا السيناريو ورغم مناسبته إلا أنه يتطلب قدراً من التنسيق والتعاون بين هؤلاء المنتجين سيستغرق تحققه وقتا طويلا جدا ما يجعله خيارا غير متوقع في المدى المنظور وعلى الأغلب سيسود في السوق النفطية السيناريو الكارثي السابق.
من هذا يتضح ان مصلحة أوبك ومصلحة السوق والصناعة النفطية تتحقق من خلال قيام أوبك بتصحيح استراتيجيتها والعودة إلى تحمل مسؤوليتها التقليدية في هذه السوق بالحد من إنتاجها وفق معدلات إنتاج لا تضر بمصلحة أعضائها وحصصهم العادلة في السوق، وإلا لن يستطيع أحد أن يتوقع ما يمكن أن يحدث لأسعار النفط الخام ولا حجم الضرر الذي يمكن أن تتعرض له هذه الصناعة ومدى التذبذبات التي يمكن أن تتعرض له أسعار النفط خلال السنوات القادمة.
نقلا عن الجزيرة
هذا الكلام الصح يا دكتور عبدالرحمن و ربنا يوفقك و يشرفني أن أكون أحد متابعيك و المعجبين بك .
بالعكس.. كلام الدكتور خاطئ ..فلو أننا صرنا نحن في المنظمة وأخص السعودية منتجا مرجحا كالسابق فسيقل نتاجنا وسترتفع الأسعار مما ينتج عنه ازدهار في صناعة النفط خصوصا في الدول المنتجة للنفط غير التقليدي ومع زيادة انتاجهم سيكون هناك تخمة في المعروض وستحتاج مرة أخرى لخفض الإنتاج لأنك منتج مرجح وهكذا كل مرة تخفض انتاجك سترتفع الأسعار وستزدهر الصناعة وسينمو انتاج النفط غير التقليدي وستضطر أيها المنتج المرجح للخفض من جديد..!!!
كلام الاخ عزيز به الكثير من الصحة ففى منصف الثمنينات وعنما بداء الانتاج التجارى لبترول بحر الشمال قامت اوبك وعلى رأسها المملكة بخفض انتاجها تدريجيا للمحافظة على تماسك الاسعار ولكن هذا لم يجدى نفعا فقد انخفضت الاسعار من 43 دولار الى اقل من 10 دولار للبرميل وانخفض انتاج المملكة من حوالى 10 مليون برميل الى اقل من 4 مليون برميل يوميا لذلك فمن الافضل ترك الامور لقوى السوق وعاش الاقتصاد السعودى معاناة لاكثر من عقد ونصف حتى عادت الاسعار للارتفاع مجددا نتيجة نمو الصين الاقتصادى فهل يجب على المملكة ان تتحمل كل مرة تبعات زيادة المعروض ؟؟؟ فليشارك الجميع فى تحمل تبعات الازمة
اعتقد الموضوع سياسي اكثر منه اقتصادي
او انه دليل على عدم ثقه اعضاء المنظمه من المنتجين خارج المنظمه بتخفيض الانتاج
للمرة الاولى يا صديقي اشعر ان اغراق الاسواق هو الحل الوحيد ليس لانه هو الافضل بل لان الحلول الاخرى غير قابلة للتطبيق...!!!
صدقت..لكن إغراق مقنن ومدروس.. وللعلم أمريكا مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط أو انخفاضها..فعند الانخفاض تشتري النفط رخيصا ..وعند الارتفاع تنتج مما تملك وتربح ..
عزيزي..في عالم اليوم لايوجد ماهو مقرر ومدروس..هذا في الاكاديميا ..اليوم صراع ان تكون او لاتكون..الامور تزداد صعوبة يا صديقي..!!!
سيتم تخفيض صادرات النفط 1.2 م واعادة تصديره كمشتقات قرب 2017 عبر المصافي الجديدة القادمة في وطننا الغالي لكن دعنا لانفقد حصتنا في الوقت الحاضر الا على بينة وثقة والله المستعان . شكرآ دكتور .
كلام عام في نظري مع تبسيط للامور بشكل واضح !!! في رأيي اننا نحتاج مثل هذا الانخفاض كي نقلل من اعتمادنا على النفط ونفكر بفتح مجالات اخرى لزيادة الدخل القومي من غير النفط فقد ارهقنا هذا المصدر وجعلنا نعيش على اعصابنا عشرات السنين منذ اكتشاف البترول !!!! نحتاج الى افكار جديدة لاستكشاف الفرص التجارية في بلدنا وحول العالم