في اقتصادات الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وأوروبا، نجد أن كل الأصول التي يشتريها الأفراد والشركات هناك وربما دون استثناء (من مساكن وسيارات ومباني وطائرات وسفن وأسهم إلخ) تتم بواسطة الاقتراض المباشر من المصارف التجارية من خلال ما يعرف بعمليات «الشراء بالاقتراض» أو «Leveraged Buyout» بحيث تكون الأصول مرهونة دائماً لصالح البنوك التجارية مقابل قيام هذه البنوك بتمويل جزئي لعمليات الشراء، بينما يكاد يكون من النادر أن نجد هناك عملية شراء واحدة تمت كاملة بواسطة النقد كما هو الحال عند شراء الأصول في المملكة مثلاً.
يجب أن أشير إلى أن شراء الأصول بالاقتراض هناك لا يعني دائماً بأن هذه الدول تعاني من نقص في السيولة النقدية في ظل نمو المدخرات عاماً بعد عام كما تشير التقارير الاقتصادية بذلك، حيث إن دوافع الشراء بالاقتراض في الاقتصادات المتقدمة تعود بشكل رئيس إلى الأنظمة الضريبية وإلى الرغبة في تعظيم العائد الاستثماري لأن المشتري يريد تخفيض وعائه الضريبي قدر الإمكان ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال زيادة قيمة الديون المسجلة عليه ولأن الرافعة المالية التي تتكون نتيجة للاقتراض هي التي ستزيد من العائد الاستثماري في ظل صعوبة تعظيم العائد الاستثماري من الأصول نفسها.
لهذا السبب نجد أن البنوك التجارية في الدول المتقدمة تلعب دوراً مهماً وخطيراً جداً لتوجيه دفة اقتصادات هذه الدول في كل الظروف خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أن هذه البنوك تعمل ضمن هوامش ربح ضيقة جداً مقارنة مع البنوك التجارية في المملكة وأن عملاءها من المقترضين هم في الغالب يعملون أيضاً ضمن هوامش ربح ضيقة جداً مقارنة مع قطاعات الأعمال في المملكة، ولهذا يكون من الطبيعي أن نجد من فترة إلى أخرى حالة من التذبذب وعدم الاستقرار في صافي الأرباح التي تعلنها كبرى البنوك العالمية بينما في المقابل نجد استقراراً ونمواً مطرداً في صافي الأرباح التي تعلنها البنوك السعودية في ظل الظروف الاقتصادية المختلفة.
من كل ما سبق، فإن الرسالة المهمة التي يجب أن نفهمها جيداً هي أن البنوك التجارية السعودية لا تزال تعمل في بيئة غير ناضجة premature وأنها لديها فرصاً رائعة للنمو في المستقبل البعيد حتى تصل إلى مرحلة البيئة الناضجة mature ونرى جميع الأصول الاستثمارية مرهونة لها، وهذا النمو لن يتحقق إلا بعد تطبيق العديد من الأنظمة (مثل أنظمة الرهن العقاري وجباية الزكاة على الأراضي وغيرها). وبعد أن تنخفض هوامش ربح عملاء البنوك عند نضج الاقتصاد المحلي وحينها سيضطر ملاك الأصول لاستخدام الرافعة المالية في نطاق واسع لتعظيم عائدهم الاستثماري.
نقلا عن الجزيرة
النضج، كلمة إيجابية، ولا تفسر حال المناخ الاستثماري في الاقتصادات المتقدمة، كما نعوذ بالله من غلبة الدَّين. لا يفسر ضدها المناخ المالي في المملكة ومن على شاكلتها. المبالغة في الاقتراض جعلت تلك الاقتصادات على كف عفريت، وما اول شائعة يدب الهلع. وسقطت امبراطوريات اقتصادية وزجت بالأسر في الشارع بعد العجز عن خدمة القروض.
كما نعوذ بالله من غلبة الدَّين، لنضج، كلمة إيجابية، ولا تفسر حال المناخ الاستثماري في الاقتصادات المتقدمة، كما لا يفسر ضدها المناخ المالي في المملكة ومن على شاكلتها. المبالغة في الاقتراض جعلت تلك الاقتصادات على كف عفريت، وما اول شائعة يدب الهلع. وسقطت امبراطوريات اقتصادية وزجت بالأسر في الشارع بعد العجز عن خدمة القروض.
تفسير واضح ومفهوم لعنوان المقالة, ولكن من غير المفهوم اعتقاد أن الاستقرار الاقتصادي لدى البنوك التجارية السعودية, مرحلة غير ناضجة, وأن الإغراق بالقروض والتذبذب الحاد مرحلة نضج ؟!! . أعتقد أنك جمعت بين سلبية وإيجابية النظام الغربي, ونقلتها بالوصف الإيجابي .