استنزاف الموارد بدعم المحروقات

22/07/2015 2
صلاح الدين خاشقجي

الإسراف في الاستهلاك، وبالأخص في مجالي الطاقة والمياه، ليس إلا استنزافا لموارد المملكة، سواء أكانت نفطية أو مائية أو حتى مالية.

فمجرد ترك مصباح كهربائي مضاء عندما لا تكون في حاجته، فإنك تستنزف ما كان يجب أن يذهب لجارك، بل وحتى أبنائك وأحفادك.

ثم أنك تقوم برفع درجة حرارة الغرفة فتحتاج إلى دقائق إضافية من التبريد لم تكن بحاجة إليها في الأساس.

وهذه الدقائق الإضافية يتضاعف كمية استهلاكها من الكهرباء في أوقات الذروة، فتتحول من دقائق إلى ساعات مهدرة.

هذا الهدر وإن كان بسيطا، إلا أنه باهظ التكلفة نظرا لما تتحمله الدولة من عبء مالي نظير دعمها للمحروقات النفطية. والخطر الذي يداهمنا كنتيجة مركبة للإسراف والهدر من جهة والدعم الشامل للمحروقات النفطية يتعدى الخسارة للقيمة الاقتصادية لهذه المشتقات بين سعرها العالمي وتكلفة الدعم.

فقد بات يؤثر على الطاقة التصديرية للنفط وبالتالي يزيد من الضغوط على موارد الميزانية المالية.

ومع تنامي خطر هذه الظاهرة بتنا نشاهد حملات ترويجية لأدوات أقل استهلاكا أو ذات كفاءة استهلاكية أعلى.

من هذه الحملات ما تقوم به كفاءة مشكورة بتوضيح الفرق بين الأدوات الكهربائية بناء على كفاءتها الاستهلاكية.

فعلى سبيل المثال فان المصابيح المرشدة للاستهلاك أغلى من المصابيح العادية بنسبة تتراوح بين 30% و50%، إلا أنها أطول عمرا، وبالتالي فإنك ستسترد ذلك الفرق بتوفير في فواتير الكهرباء.

ولكن المشكلة تكمن في أن الفترة اللازمة لاسترداد هذا الفرق طويلة نظرا لانخفاض تكلفة الاستهلاك.

اعتقد أن حل معضلة الإسراف يتطلب تدخلا حكوميا أكثر مباشرة من الحملات التوعوية.

فطالما أن الدولة تتحمل عبء دعم المحروقات، فمن الأجدر أن تعمل أيضا على تخفيف أثر هذا البند على الميزانية. يمكن للدولة منع استيراد وتصنيع المصابيح غير المرشدة للاستهلاك.

ويتم ذلك عن طريق فرض لائحة تحمي السعودية من المنتجات المسرفة ضمن لوائح هيئة المواصفات والمقاييس السعودية.

وكذلك يجب على الحكومة ممثلة في شركات الكهرباء والمياه والمحروقات أن تكافئ المرشدين، وأن تعاقب المسرفين عن طريق إعادة هيكلة وسائل الدعم.

الحاجة إلى مثل هذا التدخل القاسي، وغير المرغوب اقتصاديا في معظم الأوقات، هو تعود المستهلك على نمط استهلاكي مهدر وغير منتج ومرتفع التكلفة. فتغيير نمط استهلاك المجتمع ككل هو الهدف المنشود.

وذلك لان تقليل استهلاكنا اليوم من الموارد المتوفرة سيتيح لنا القدرة على التكيف مع أي شح متوقع في هذه الموارد الاقتصادية.

نقلا عن اليوم