صوتت اليونان بـ «لا»، فيما سماه «سيبراس» (رئيس الوزراء) أن الديمقراطية لا يمكن أن تُبتز، وتسميه أوروبا رفض اليونان التقشف وإصرارها على عدم الانضباط.
اليونان بلد ضارب في الحضارة، لكنه يملك اقتصاداً صغيراً يبلغ عدد سكانه 11 مليوناً.
بلدٌ تَمَرَغَ بالرفاهية قروناً، وخلال السنوات الأربع المنصرمة ذاق ألواناً من الهوان ليروض النفس على التقشف، لكن يبدو أنها لم تُرَوض؛ فها هي قد صوتت بـ «لا»!
فهل عانت اليونان بسبب تخليها عن الدراخما، عملتها المحلية السابقة، أم بسبب انضمامها لليورو، أم بسبب مراكمتها للديون حتى قبل انضمامها لليورو؟
أم بسبب ضعف مؤسسات الحكومة غير القادرة على جبي الضرائب لسداد التزامات الخزانة؟
وقبل ذلك ما تأثير الأزمة اليونانية على اقتصادنا المحلي؟ الإجابة المختصرة، ليس من تأثير يذكر لأزمة اليونان على اقتصادنا السعودي، فالتبادل التجاري بين البلدين محدود والميزان التجاري لصالح المملكة، فالواردات في حدود نصف مليار دولار فيما تبلغ الصادرات 3.5 مليار دولار.
كما أن هناك اتفاقية بين المملكة واليونان لتجنب الازدواج الضريبي، وأخرى لحماية الاستثمارات.
ومن جانب آخر، فالمخاوف تنطلق من أن أزمة اليونان قد تؤثر سلباً على منطقة اليورو برمتها، وأن يولد ذلك لمستثمرين سعوديين.
أما الحديث عن انكشاف بنكين سعوديين اثنين، مما تناقلته بعض الصحف المحلية نقلاً عن مصرفيين، فيبقى محدوداً، بل يبدو أنه حديث تعوزه الدقة؛ فالانكشاف يقل عما سببته بعض «الانكشافات المحلية» لبنوكنا من خسائر واضطرارها تجنيب احتياطيات مليارية تحسباً لإمكانية شطب تلك الديون المحلية.
وإذا تجاوزنا انكشاف البنوك إلى النشاط الاقتصادي، نجد أن اقتصاد اليونان يقوم على السياحة والنقل البحري، ولعل ثمة ارتباطا بين هذين القطاعين ونظيرهما لدينا.
وبصورة أكثر تحديداً، فالمتأثر الأكبر في اليونان هو قطاع السياحة الذي يعيش كارثة حقيقية نتيجة لضياع موسم الصيف نظراً لإلغاء حجوزات السائحين.
أما فيما يتعلق بالمخاطر التي قد تحيق بمنطقة اليورو، فهي محدودة بالفعل، وما يجعلها كذلك أن موقف القوتين الاقتصاديتين الرئيستين في منطقة اليورو وهما ألمانيا وفرنسا واضح، وهو أن «اليورو» أغلى وأبقى من عدم انضباط اليونان، وأن خروج اليونان من منطقة اليورو ولو مؤقتاً ريثما تحسم اليونان خياراتها السياسية والمالية والاقتصادية هو أمر مقبول إذ ما أصرت على عدم اتباع الوصفات التقشفية بدقة.
وهناك من يتعاطف مع اليونان، ويرى أن ألمانيا تحمل «سكين شاروك» وتطالب بكيلو اللحم! لكن الأمر ليس كذلك، فقد ساندت أوروبا بقيادة ألمانيا اليونان، وقدمت القروض الضرورية، فمعظم قروض اليونان هي أوروبية، فما تدين به لصندوق النقد الدولي لا يزيد عن عشرة بالمائة من إجمالي قروضها التي تزيد على 320 مليار يورو.
ورغم صعوبة الموقف في اليونان إلا أن اليونان وحكوماتها المتعاقبة هي التي ساهمت بوضع البلاد في هذا المأزق المؤلم؛ فقد كانت اليونان تنفق أكثر مما ينبغي، وتقترض لكي تنفق لا لكي تستثمر ولتنمي عجلة الإنتاج! فمثلاً أنفقت اليونان 12 مليار يورو على الألعاب الأولمبية في العام 2004، وحتى هذا اليوم لم تسدد الديون المترتبة، في حين أن المرافق الأولمبية مهملة لا تستخدم!
وقد انكشف الحال تبعاً لتداعيات الأزمة المالية العالمية، التي قلصت السيولة المتاحة للإقراض وبتكلفة أعلى، مما وضع اليونان في ورطة.
تراكضت أوروبا لإنقاذ اليونان من ورطتها ولكن بشروط لم تخرج عن التزام اليونان بالتخلي عن حياة البذخ وتعديل سلوك الانفاق الحكومي ليكون سلوكاً متقشفاً.
وحتى الآن، فالسبب الرئيس لما تكابده اليونان في هذه اللحظات هو خروج رئيس وزرائها الانفعالي من المفاوضات، ورفضه الالتزام بمزيد من معايير التقشف والتي لم تخرج عن نقطتين: رفع الضرائب وخفض معاشات التقاعد.
وعندما خرج رئيس وزراء اليونان من المفاوضات، فقد ألقى بلاده في أتون المجهول، فهو يطالب مواطنيه بالتصويت بـ «لا»، أي رفض الالتزامات التقشفية! فإن تحقق ما يريد فما هي الأفق؟!
لا أفق أمام اليونان، فقد بدأ مخزونها من الضروريات ينفذ، فمن أين له المال ليستورد تلك الضروريات؟!
وبسبب ذلك النزق السياسي لرئيس الوزراء، أخذ الاقتصاد اليوناني يخسر خسائر حقيقية وملموسة، فكما نعرف أن السياحة هي عماد الاقتصاد اليوناني، ومنذ أن قاطع المفاوضات يُلغى نحو 50000 حجز سياحي!
نقلا عن اليوم
اعتقد اليونان تبحث عن مخرج بدون ان تدفع او تخسر شي .. خاصة انه في التقارير انها يوجد تخلف 80% في جمع الضرائب من المواطنين
مشكلة رئيس الوزراء ليس لديه خطة أو ورقة عمل جادة لحل الأزمة كل ما عنده أنه يرفض خطط الدائنين ويعمل استفتاء شعبي ويصوت بـ لا ويحث الشعب على ذلك ويحتفل بالنصر على الدائنين هو وشعبه ظناً منه أنه حل الأزمة في الوقت الذي ينزف فيه الإقتصاد ويتراكم الدين والبنوك مغلقة والسحوبات بالقطارة ..!