تعتمد الطريقة الإحصائية (الأكثر جدلا) لتقدير احتياطيات البترول على استخدام المعادلات الرياضية القابلة للقياس التي تم اشتقاقها من التحليلات العميقة للعلاقة بين كمية الحفر (عدد وتوزيع وعمق الآبار) للتنقيب عن البترول ومعدلات استكشاف البترول.
فالذي ثبت من التجارب العملية المتراكمة –ومن ثمّ أصبح الآن شبه القاعدة– أنه في أي منطقة يوجد فيها البترول فإن الحقول الكبيرة سهلة الاستكشاف من المتوقع ان يتم العثور عليها في الأول. بينما الاكتشافات التالية في نفس المنطقة تكون أكثر صعوبة وأصغر حجما وتحتاج الى كمية حفر أكبر ووقت أطول وتزداد تكاليف التنقيب.
كذلك جرت العادة أنه بعد أن يتم اكتشاف حقل واعد قد يستمر التنقيب (الحفر) لتقدير كمية الاحتياطي الموجود في الحقل وتستمر عملية استكشاف الحقل بمواصلة الحفر لكن تبدأ معدلات الاستكشاف في الانخفاض بالنسبة لكمية معينة من الحفر ويحتاج الوضع الى كمية أكبر من الحفر.
ولا يتم التأكد تماما من الكمية النهائية التي يمكن استخراجها من الحقل الا عند إدخال الحقل للإنتاج الفعلي حيث قد يتم اكتشاف اضافات جديدة أثناء عملية الإنتاج ولكنها ضئيلة بالنسبة للسابق (أعتقد هذه الظاهرة هي ما يحدث لأرامكو حاليا فيجعلها تحافظ على بقاء الاحتياطي ثابتا سنويا عند 260 مليار برميل).
هكذا من الناحية النظرية –إذن– قد يصبح من الممكن عمليا اشتقاق معادلات رياضية تربط العلاقة بين كمية الحفر للتنقيب عن البترول ومعدلات اكتشاف البترول ومن ثم استخدام هذذه المعادلات للتنبؤ بمقدار الكمية المتبقية من البترول التي سيتم اكتشافها في المستقبل.
لا شك أن أشهر التقديرات التي استخدمت الطريقة الإحصائية هي تقديرات هبرت كنق (صاحب ذروة البترول) وكذلك استخدمها عددا كبيرا من المهتمين بتقديرات البترول في فترة السبعينات الذين تراوحت معظم تقديراتهم ما بين 1.5 – 2.5 تريليون برميل وأحياها مرة أخرى مؤخرا عام 2000 جماعة ASPO (المثيرة للجدل) بإجراء دراسات وتقديرات مفصلة لجميع الدول (يلاحظ أنني في هذا المقال لست بصدد مناقشة الذروة وانما فقط استعراض للوضع الحالي كما هو).
لعلّه من المناسب أن أذكر تقديرات البروفيسور Peter Odell الذي لفتت نظري تقديراته في منتصف الثمانينيات حيث كنت أظن أنه مبالغا في تقديراته فهو يقدر الاحتياطي النهائي ب 4.5 تريليون برميل وان الذروة ستكون ما بين 2025 – 2035 (هذه التقديرات هي أكبر التقديرات حينذاك).
لقد استخدم البروفيسور Odell في تقديراته معادلة انحدار من الدرجة الاولى (أبسط معادلات الايكونوميتركس) ويبدو أنه كان يدخل في حساباته البترول غير التقليدي.
الآن – على حد علمي – أن أكثر التقديرات المنشورة تفاؤلا هو تقدير جماعة كامبردج للطاقة CERA (مؤسسها ورئيسها Yergin الذي حضر بعض مؤتمرات الطاقة في المملكة) حيث أصدرت بتاريخ نوفمبر 14 / 2006 تقريرا تقول فيه ان الاحتياطي العالمي (التقليدي وغير التقليدي) يقدر ب 4.82 تريليون برميل.
كما أنهم يقولون إن الذي تم استخراجه من البترول حتى حين صدور تقريرهم هو 1.08 تريليون برميل وان المتبقي الذي سيتمكن العالم من استخراجه في المستقبل هو 3.7 تريليون برميل.
ثم يستطرد التقرير ليهوّن من وقع الذروة فيقول على أي حال لن يصل انتاج بترول العالم ذروته (أي النقطة التي يبدأ الانتاج انخفاضه القسري) قبل عام 2030.
الجيولوجيون غالبا يستخدمون الطريقة الجيولوجية (التي ناقشناها في زاوية الأحد الماضي) بينما الاقتصاديون يستخدمون الطريقة الأحصائية لتقدير الكمية النهائية من البترول التي يستطيع الانسان استخراجها من تحت الأرض ولذا فإن تقديرات الاقتصاديين يغلب عليها تضخيم الاحتياطيات أكثر من الجيولوجيين رغم ان هبرت هو أساسا مهندس بترول في شركة شل.
نقلا عن الرياض