بمناسبة إعادة هيكلة شركة أرامكو تكهّن البعض (منهم بعض وكالات الأنباء العالمية) بالتغييرات الجديدة التي قد يجريها مجلس الإدارة الجديد على شركة أرامكو السعودية.
لكن البعض (معظمهم محليا في تويتر) ذهب إلى أبعد من مجرد التكهنات فاقترح بعضهم إدخال بعض التغييرات (أو على حد تعبيراتهم الإصلاحات) التي يعتقدون انها ستكون في صالح الوطن.
سنختار من هذه المقترحات الكثيرة اقتراحا واحدا فقط هو اقتراح الخصخصة (طرح جزء أو كل أسهمها للتداول في السوق المالية) وقد برر البعض مطالبتهم بالاستشهاد بنجاح شركات البترول العالمية الكبرى الخاصة التي لها نشاط وتجارب وخبرة للتعامل في جميع أنواع البترول (التقليدي وغير التقليدي والاصطناعي وحتى المتجدد) في جميع أصقاع الكرة الأرضية (البر والبحر والقطبين وأعماق المحيطات) بينما يقتصر نشاط وتجارب وخبرة أرامكو على البترول التقليدي داخل حدود أراضي المملكة.
شركة أرامكو الآن هي مملوكة لحكومة المملكة (نيابة عن الشعب) 100 % وبالتالي فإن حكومة المملكة وحدها هي التي تقرر الآن جميع سياسات أرامكو البترولية.
في الماضي كانت أرامكو مكونة (مملوكة) من عدة شركات أجنبية خاصة وكان قرار الإنتاج بيدها وكذلك قرار نسبة الريع الذي تعطيه للحكومة عن كل برميل تستخرجه.
ولكن بعد جهود مُضنية استطاعت حكومة المملكة بحكمتها أن تستعيد ملكيتها وسيطرتها على ذهبها الأسود بالطرق الودية ولا زالت تربطها علاقات طيبة مع هذه الشركات.
نعم رغم ان المطالبين الآن بالتخصيص لا يبدو انهم يطالبون بإدخال الشركات الاجنبية وانما فقط يطالبون بطرح بعض أسهمها في السوق المالية اسوة بسابك الا أن مجرد تخلّي الحكومة عن جزء مهما كان صغيرا من ملكيتها لمصدر دخلها الوحيد (90 % محاسبيا ولكن 100 % اقتصاديا) فان هذا يخالف التصرف الرشيد الذي تقتضيه نظرية الموارد الناضبة لا سيما بالنسبة لأمة تعتمد في معاشها اعتمادا كليا على هذه الموارد الطبيعية الخاضعة للنضوب ولا مجال للتلاعب فيها حسب المصالح.
موضوع حقوق الملكية وقرارات استخراج الموارد الناضبة ليس موضوعا يخضع للتخمينات والأهواء والآراء الشخصية بل كان ولا زال موضع نقاش علمي في الدوريات الاقتصادية المتقدمة لكنه على نطاق ضيق لأن نظرية الموارد الناضبة بطبيعتها منذ نشأتها الأولى على يد Hotelling ثم تطويرها على يد النخبة من الاقتصاديين تستخدم لغة الرياضيات المتقدمة (لا زال الكثير من حملة الدكتوراه في الاقتصاد لا يجيدونها) تُثبت علميا ان الاستثمار الرشيد للموارد الناضبة (لا سيما للدول التي وهبها الله كميات هائلة من المورد تعتمد عليه في معيشتها) ينبغي ان يكون بيد جهة (سُلطة) عليا مركزية تضع استراتيجية مركزية لاستغلال المورد هدفها الحصول على أقصى المنافع للجيل الحالي والأجيال القادمة.
لسنا بصدد استعراض ما تقوله النظريات الاقتصادية للموارد الناضبة (فهذا لا يتسع له المجال) ولكن سنكتفي بذكر مفهوم واحد كثيرا ما يردده بعض الكتّاب الاقتصاديين لدينا من غير ان يتضح لهم مضمون المفهوم وهو طريقة حساب القيمة الحالية present value للبترول تحت الارض حيث يلعب سعر الخصم دورا كبيرا في مقارنة قيمة الدولار الذي يحصل عليه المالك للبترول عندما يُنتج ويبيع برميل البترول الآن بقيمة الدولار الذي سيحصل عليه لو ترك البرميل تحت الارض للأجيال القادمة.
في زاوية الأحد القادم – إن شاء الله – سنناقش مفهوم سعر الخصم في حساب القيمة الحالية present value للمورد الناضب.
نقلا عن الرياض
بسم الله الرحمن الرحيم ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... من الغريب أن يقول هذا الكلام رجل اقتصاد ... منذ متى "والاقتصاديون يقولون لا للخصخصة" والله أعلم ... والسلام عليكم
اذا قرأت المقال ستعرف لماذا قال لا للخصخصة ...