على الرغم من الفوائد التي تقدمها أنظمة الرهن والتمويل العقاري لرفع نسب تملك السكن للمواطنين، إلا أن المبالغة في أسعار العقارات وعدم تناسبها مع مستويات الدخل تسببا في محدودية استفادة المواطن منها مع انه المستهدف من الإسراع بإقرار تلك الأنظمة، وإذا كان المختصون بالشأن العقاري قد أرجعوا سبب ذلك الفشل لارتفاع نسبة الدفعة الأولى ال(30%) على الرغم من الطرق التحايلية لتدبيرها! فإن تلك النسبة قد لا تكفي أيضا لضمان المحافظة على استقرار السوق العقاري وتجنب انهياره وتوقف المقترض عن السداد وتورط البنوك ومؤسساتها التمويلية بالرهونات العقارية عند تزامن حدوث تصحيح بالأسعار مع عوامل أخرى مؤثرة.
ومع الركود العقاري وازدياد المخاوف من انخفاض الإنفاق الحكومي -وليس انخفاض أسعار النفط- وارتفاع الالتزامات على الدولة، وما يتم تداوله حول ما قد تسفر عنه دراسة فرض الرسوم على الأراضي، فإن الخطر الحقيقي على الاقتصاد المحلي هو تحويل مخاطر انخفاض أسعار العقار من الملاك إلى البنوك ومؤسسات التمويل، ومن خلال التوجه الجديد بالسوق لرهن عقارات وأراض خام بالمليارات لمجرد أن قيمتها المسجلة بالصكوك تبلغ (5) أو (7) مليارات ريال لتمرير بيعها عبر استغلال الرهن العقاري والحصول على السيولة النقدية، وهو أمر من السهولة توفيره بهدف استغلال سعي البنوك لإقراض الأموال المتكدسة بحساباتها لتجنب المخاطر المتوقعة وخصوصا أن أسعار الفائدة متدنية!
أي أن الجهات الممولة ستدفع نقدا معظم قيمة العقار الحالية -أو أعلى منه حسب ماسجل بالصك لدى البائع- مع بقاء العقارات ملكا لما يتخوف من انخفاض أسعار العقار!! أي تحقيق ملاك العقار للاستفادة القصوى من الرهن العقاري بتحويل المخاطر لجهات التمويل مقابل تحويل قيمة العقارات المجمدة لسيولة نقدية لحسابات الملاك تستثمر في أي نشاط آخر بالداخل أو الخارج مع استمرار استفادتهم من الإيجارات للعقارات القائمة وعدم مغامرتهم في تطوير أراضيهم بالإنفاق الحالي عليها وهم لا يعلمون ما ستؤول إليه الأوضاع المالية، كما انه في حال وضوح الرؤية بالسوق فإن القرار ما زال بأيديهم وهذي أفضل الخيارات المتاحة لتجنب أي مخاطر على الثروات العقارية وهو أيضا أسلوب يدعم أسعار العقار لعدم انهيارها عند حاجة كبار الملاك للسيولة النقدية لتغطية التزامات أخرى سواء تتعلق بضرورة الإنفاق على مشاريع حكومية أو لسداد قروض للبنوك.
وفي المقابل فإن انتظارنا لانخفاض أسعار العقار ونحن نرى توسع الجهات التمويلية في الإقراض من خلال الرهن العقاري وبدون رقابة فعلية على البنوك وغيرها، قد نرى أنفسنا مجبرين على التعامل مع أخطاء حالية، ووضع مستقبلي للمحافظة على مكونات أساسية للاقتصاد لعدم التعرض بشكل كبير لانهيار مماثل لما حدث بأميركا 2008م، فنحن في حقيقة الأمر نسير بنفس الاتجاه الأميركي وبسرعة أعلى ومن خلال استغلال سيولة عالية بالحسابات معظمها لأفراد تحت الطلب لإقراضها للغير وبضمان عقار مضخم القيمة بسبب ارتفاع سيولة طفرة نفطية قد لا تعود سريعا!
مما يتطلب من مؤسسة النقد الحد من عمليات الرهن العقاري بالمليارات التي أصبحت ظاهرة تستحق البحث عن أسبابها وأهدافها الحقيقية لعدم استغلال ذلك في تحويل مخاطر التصحيح لأسعار العقار لأفراد المجتمع ومؤسساته المالية، ومنع عمليات التمويل الغير مبررة التي تهدف إلى تحويل العقار لسيولة نقدية لحساب المالك الحقيقي لكون ذلك ليس له دور في حل مشكلة السكن التي من أجلها تم الدفع بأنظمة الرهن والتمويل العقاري.
نقلا عن الرياض
نأمل من المسؤولين التعامل بجدية مع المخاطر التي يحذر منها الكاتب الخريف وكذلك سرعة تطبيق الرسوم فقد اصاب الشلل الحياة الاقتصادية فصار الجميع ينتظرون فالناس لايشترون والانتظار قاتل ويجعل المال لايدور مما يفضي الى الكساد وضعف العملة وتعطل التنمية
أتفق معك تماماً .. مقال رائع