شد حيلك بالمضاربة، ولكن!

23/04/2015 11
محمد القويز

في الآونة الأخيرة زاد نشاط المضاربة والمضاربين في سوق الأسهم السعودي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الكميات المتداولة في السوق، وإلى زيادة الحركة في أسهم المضاربة، الأمر الذي أدى للعديد من الأسئلة عن مدى جدوى المضاربة بالمقارنة مع الاستثمار للمدى الطويل.

وفي هذا الصدد كان تصور العديد أني ضد المضاربة على إطلاقه.

ولكن الحقيقة أكثر تعقيداً من ذلك.

فموقفي من المضاربة أنها بالفعل مصدر جيد لتحقيق عائد جيد، قد يزيد في أحيان كثيرة عن عوائد الاستثمار على المدى الطويل (مع اتسامه بقدر أعلى من المخاطرة).

ولكن موقفي مشروط بشروط ثلاثة:

أولها: أن المضاربة تتطلب من الشخص تخصيص وقت كاف، والتمتع بقدر كاف من الخبرة والمعرفة والقدرة على التحليل واستقاء المعلومة والتفرقة بين المعلومة الصادقة والإشاعة المغرضة.

والشخص الذي لا يتمتع بهذه الصفات هو كمن يحب سباق السيارات ولكنه لا يجيد القيادة! لذا لا بد من فهم أساسيات الاستثمار والتحليل وتخصيص الوقت الكافي للتحليل ولمراقبة السوق قبل الخوض في غمار عالم المضاربة.

ثانيها: أن المضاربة تتطلب قدراً من الحزم ورباطة الجأش من حيث تحديد قدر معين من الربح والخسارة في كل مركز وعدم الانجراف وراء الغرائز، خصوصاً من حيث تحمل قدر أعلى من الخسارة في أي مركز.

فكما أن المضارب يرضى بمبالغ صغيرة من الربح في كل مركز لذا فمن غير المقبول أن يتحمل قدرأ كبيراً من الخسارة في أي مركز خاطئ.

لذا فعليه العمل دوماً بمفهوم (وقف الخسارة)، لأن تحمل مراكز خاسرة كبيرة مقابل مراكز رابحة صغيرة سيقلب عليه عملية الاستثمار رأساً على عقب.

وفي هذا الصدد لي أن أشير إلى مقال سابق بعنوان: “الاستثمار كالإبحار: حدد اتجاهك واثبت عليه“.

ثالثهما: أن المضاربة، سواء اعتمدت على المعلومة أو على التحليل الفني أو على أي أسلوب آخر، ينبغي أن تنحصر في الشركات ضمن نطاقها السعري العادل، بحيث لا يتم المضاربة في أي شركة أو ورقة مالية مقيمة بسعر عالٍ أو غير منطقي.

ومن هذا المنطلق يمكن تشبيه المضاربة بشخص يمشي على حبل أملاً في الوصول إلى جائزة في الطرف الثاني منه، فلو كان الحبل ممدوداً على الأرض أو بمسافة قصيرة فوقه فإني سأكون متحمساً لمحاولة التوازن والمشي عليه أملاً في الوصول للجائزة في الطرف الثاني.

أما إذا كان هذا الحبل معلقاً بين مبنيين شاهقين، فإني سأكون متردداً جداً من محاولة عبوره، لأن الوقوع منه سيعني الموت المحتم.

وكذلك الحال لمن يضارب على ورقة مالية ارتفعت عن نطاق سعرها العادل بفارق شاسع، ففي هذه الحالة لو تغير السوق في أي حال من الأحوال أو إذا كانت معلومة المضارب خاطئة، فإن السعر سيهوي عليه دون أن يتمكن من البيع حتى يهلك المضارب وتتبخر أمواله.

ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار التقييم العادل هو صمام الأمان الذي ينقذ المضارب من أي انتكاسة في السوق.