النهوض بالاقتصاد يحتاج إلى مقومات عديدة، ومرحلة التغيير ليست بالمرحلة الصعبة كما نتخيل، ولكن تحتاج إلى إستراتيجية واضحة والأهم من ذلك آلية تطبيقها، وبعد تشكيل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بدأت ملامح التوجهات المستقبلية تظهر والتي تتركز في النهوض بالاقتصاد المحلي، ففي المقال السابق تحدثت عن أهمية إعادة الهيكل التنظيمي للمؤسسات الحكومية لإحداث نقلة نوعية في جودة الخدمات المقدمة، واعتماد أهداف قابلة للإنجاز لكل مؤسسة حكومية ومتابعتها؛ لأن ذلك له تأثير كبير في قياس العديد من مؤشرات التنافسية عالمياً.
المتغيرات العديدة التي تطرأ على الساحة الاقتصادية عالمياً تعتبر من الأسباب المهمة للبدء في التحرك السريع لبناء إستراتيجية تنافسية للمملكة، وبالرغم من عدم وجود آلية موحدة عالمياً لقياس مستويات التنافسية للدول إلا أن هناك منظمات دولية عديدة وضعت آليات ومنهجيات مختلفة لقياس التنافسية، وبما أن القطاع الحكومي والخاص لهما أدوار مختلفة ولكن مترابطة لدعم عملية التنمية وتعزيز التنافسية أرى أن يتم إنشاء لجنة فرعية تحت مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وتكون مختصة فقط في البحوث والإستشارات التنافسية العالمية، وهدفها الرئيسي وضع رؤية إنمائية تنافسية للمملكة خلال سنوات محددة من خلال رصد واستعراض وتحليل عدد من التقارير والمؤشرات العالمية المهمة لقياس أداء المملكة التنافسي مستقبلاً وتحسين ترتيب المملكة في التقارير العالمية، ومن ثم يتم تحديد أهم المؤشرات وتركيز العمل عليها (على سبيل المثال) كمؤشر ممارسة أنشطة الأعمال ومؤشر تكنولوجيا المعلومات ومؤشر الابتكار العالمي وتقرير التنمية البشرية العالمي ومؤشر تنافسية السياحة والسفر ومؤشر تمكين التجارة العالمي ومؤشر الازدهار، وبعد ذلك يتم إلزام جميع المؤسسات الحكومية باختيار عدد معين من المؤشرات والعمل على تطويرها وتحسين ترتيب المملكة فيها خلال مدة معينة، ويتم نشر تقارير دورية بالمستجدات على موقع إلكتروني مختص بكل شفافية.
ورصد الأداء والعمل على تطويره ضمن مجموعة واسعة النطاق من السياسات والإجراءات التنافسية يعكس حقيقة الجهود المبذولة في النهوض بالاقتصاد المحلي والتنمية المبذولة وفقاً لأفضل الممارسات العالمية، والمهم أن يكون هناك حلقة وصل مع مؤسسات القطاع الخاص لتعزيز تنافسية المملكة عالمياً، والتركيز خلال الفترة القادمة يجب أن يكون على تحسين جميع الخدمات في المؤسسات الحكومية وجذب الاستثمارات الأجنبية وتطوير الثروة البشرية والابتكار وزيادة التراكم المعرفي داخل المملكة من خلال تأسيس منظومة تعمل على ذلك مما يرفع من مستويات الرخاء للأفراد والمجتمع.
ختاماً: وجود مركز التنافسية الوطني تحت مظلة الهيئة العامة للاستثمار غير مجدٍ، ففي الوقت الحالي ينبغي أن تكون هناك مرونة أكبر في سرعة إتخاذ القرارات المتعلقة بتعزيز مركز المملكة التنافسي عالمياً؛ ولذلك هناك تأثير أكبر إذا كانت المرجعية مباشرة لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
نقلا عن اليوم