المحاسبون يحسبون قيمة البترول تحت الارض بأسعاره السوقية market price (عادة بالأسعار الفورية) فوق الارض. بينما الاقتصاديون يحسبون قيمة البترول تحت الارض بما يسمى القيمة الحالية present value على مدى عمر البترول.
الفرق بين الطريقتين بعيد كبعد السماء عن الارض. هذا لا يعني تفضيل طريقة على الطريقة الأخرى بل كل طريقة منهما هي الأنسب (وليست الأفضل) وفقا للغرض من استخدامها.
أنا الآن سأستخدم الطريقة المحاسبية لأنها الأنسب (والأسهل) لتوضيح الغرض الذي أهدف اليه بهذا المقال وهو فقط اعطاء فكرة مبدئية عن كيف أن قيمة ثروة البترول تحت الأرض تتقلب – كأنها على كف عفريت – بتقلبات أسعاره المفاجئة فوق الأرض.
ووفقا لتقديرات ارامكو يبلغ احتياطي البترول المؤكد تحت الأرض حوالي 260 مليار برميل فعندما يكون سعر البرميل 115 دولارا فأن هذا يعني نظريا ان قيمة بترول أرامكو تساوي 29.9 تريليون دولار (112.2 تريليون ريال).
بينما عندما ينخفض سعر البرميل من 115 الى 50 دولارا فإن القيمة السعرية لبترول أرامكو ستنخفض الى 13 تريليون دولار (48.75 تريليون ريال) فقط.
الفرق شاسع يبلغ 16.9 تريليون دولار (63.37 تريليون ريال).
الغريب رغم هذا الانخفاض الكبير المفاجئ في قيمة الثروة التي تملكها ارامكو من الذهب الأسود فإن بعض المسؤولين يقولون ان هذا الانخفاض لا يقلقنا لأنهم يأملون ان يكون الانخفاض مؤقتا ولن تلبث أسعار البترول ان تعاود ارتفاعها تدريجيا ولذا فهم يتجاهلون الخسارة التي تخسرها أرامكو على مبيعاتها الحالية بحجة انها ستعوضها في المستقبل فلا داعي للقلق.
فلنفترض جدلا ان هؤلاء المسؤولين على حق وأن الأسعار لن تلبث ان تعود الى أعلى مما كانت عليه في السابق فتعوّض الخسائر الحالية. إذن دعنا نحسب الخسائر الحالية لنرى مقدارها وماذا بإمكانها ان تحقق لاقتصاد المملكة لو أُحسِن استغلالها.
لقد بلغ متوسط صادرات المملكة من البترول على مدى العشر سنوات من 2005 الى 2014 حوالي 8.35 ملايين برميل في اليوم (خام + مكثفات + مكرر).
فلو افترضنا ان المملكة ستحافظ على صادراتها من البترول بمتوسط يومي قدره 8.35 ملايين برميل فإن قيمة صادراتها في اليوم ستكون 960.25 مليون دولار بينما بعد الانخفاض ستكون 417.5 مليون دولار أي ستخسر في اليوم الواحد 542.75 مليون دولار (2.04 مليار ريال).
هذه الخسارة الكبيرة اليومية (أي في اليوم الواحد) التي تبلغ 2.04 مليار ريال تصوّروا لو تم تخصيصها – بدلا من ضياعها كالهباء المنثور – بالكامل لإنشاء مدن صناعية في مختلف مناطق المملكة وفقا لمزاياها النسبية يديرها ويعمل بها أبناء المنطقة تعتمد على ما تسميه وزارة التخطيط اقتصاد المعرفة بتكثيف التكنولوجيا بدلا من الجهد العضلي.
البعض حصيف سيقول: يا الله اثنين مليار ريال خسارة في اليوم الواحد..! الحمد لله على نعمة البترول كيف لو أنفقناها لتحقيق أهداف خطّتنا الأولى لأصبحنا أعظم دولة في العالم.
الخلاصة: من هذا العرض السريع يتضح لنا ان أصحاب نظريات المؤامرة الذين يتهمون المملكة بأنها تتعمد تخفيض أسعار البترول للإضرار بالآخرين (سواء دول أو شركات منافسة) هو اتهام خاطئ ليس له أساس منطقي لأن المملكة شأنها كشأن جميع مصدري البترول ستخسر وستكون خسارتها أكبر – بكبر حجم احتياطيها – من خسارة الآخرين بسبب انخفاض أسعار البترول فهل من المعقول ان تضر المملكة نفسها أكثر مما تضر منافسيها؟!
نقلا عن الرياض
مع احترامي لك تحديت معاك سابقاً بان البترول الان فقد من قيمتة الكثير كمصدر للطاقة وانني اخالفك في سلسلة مواضيعك (انتهى زمن النفط الرخيص ) ومازلت يادكتور تبربر علينا
عفوا دكتور.. لكن على سعر 50 دولار للبرميل ينقص الإحتياطي تحت الأرض لأن حساب الإحتياطي يأخذ في الحسبان الجدوى الإقتصادية.. وفي الطرف الآخر على سعر 100 دولار يزيد الإحتياطي وقد تعوض هذه الزيادة الإنتاج المتزايد على سعر 50 دولار... عموما.. قطاع النفط يدار بشكل جيد كما قطاع البنوك.. المشكلة هي أين تذهب هذه الأموال وهل نحن جادون في إضافة موارد جديدة وتطوير التعليم والإستثمار في مقدرات البلد؟