شركات الموظفين على غرار بنوك المودعين

03/03/2015 0
صلاح الدين خاشقجي

أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي هي أزمة البطالة. ولهذه الأزمة عوامل متعددة: كالخلل الحاصل في سوق العمل، وكون أكثر من نصف المواطنين السعوديين تحت سن 15 سنة، وعدم قدرة القطاعين العام والخاص على توليد المزيد من الوظائف الملائمة.

ولذلك فإن تحديا بهذا الحجم والبعد والأهمية، بحاجة إلى حلول مبتكرة يمكنها خلق نقلة اجتماعية واقتصادية نوعية. اعتمدنا في السابق على تأسيس الشركات الصناعية الضخمة ومدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، ونجحنا في هذه التجربة.

وحتى يمكننا تكرار هذه التجربة، أقترح استخدام نموذج جديد من الشركات يتيح لنا التوظيف الواسع النطاق هو شركات الموظفين، بحيث يكون موظفو الشركة هم ملاكها.

هذا النموذج يحاكي فكرة بنوك المودعين والتي تعمل على تقديم الخدمات المصرفية التي تقدمها البنوك التجارية، ولكنها تختلف معها في هيكلة ملكية البنك.

ففي حين أن البنوك التجارية يملكها حملة الأسهم، فإن بنوك المودعين لا يوجد لديها أسهم، إنما يمتلكها أصحاب الحسابات أنفسهم. وهذا يتيح لبنوك المودعين استقطاب أعلى للعملاء كونها توزع الأرباح عليهم لا على حملة الأسهم.

امتلاك الموظف للشركة ينعكس على أدائه لمهامه الوظيفية. فعادة تنخفض الانتاجية في الوظائف الحكومية لانعدام الحافز.

أما في أعمال الشركات الخاصة التي تعتمد على المبيعات، فإن اعطاء الموظف نسبة من مبيعاته قد يدفعه لإلحاح يؤثر سلبيا على صورة الشركة عند عملائها.

وبذلك يكون امتلاك الموظف لشركته هي طريقة التحفيز الأمثل. فالحافز الملموس هو أهم ما يرفع الانتاجية الفردية والجمعية للشركة.

تطبيق هيكلية ملكية بنوك المودعين على الشركات، ليصبح الموظفون أنفسهم هم الملاك، تتيح لنا توفير فرص وظيفية ذات دخل أعلى للموظف مع ارتفاع الانتاجية.

والفكرة نفسها ليست جديدة، فهي موجودة في الأعمال المهنية البسيطة التي تعتمد على المجهود البدني كالحمالين والبنائين. بالإضافة إلى شركات الأنشطة المهنية المتخصصة مثل البنوك الاستثمارية والمحاماة والمحاسبة.

فيتدرج الموظف في السلم الوظيفي للشركة حتى يصل لمستوى شريك. وتنتهي شراكته بانتهاء عمله لدى الشركة.

ولكن يغيب هذا النموذج عن شركات رؤوس الأموال التي تحتاج إلى أصول مالية وعينية ضخمة، والتي عادة ما تتخذ شكل الشركة المساهمة.

حتى نتمكن من تحويل الشركة المساهمة إلى شركة موظفين فإننا بحاجة إلى برنامج حكومي يدعم وينظم هذه الفكرة، وقد يكون صندوق الاستثمارات العامة هو الجهة الأمثل.

فيقوم الصندوق بتحديد الأنشطة التي يمكن تحويلها لهذا النموذج، كما يقدم لها الدعم المادي على سبيل القرض، فيتم بذلك توفير الأصول اللازمة للنشاط التشغيلي.

فعلى سبيل المثال، يمكن للحكومة شراء معدات صناعية لتجميع الالكترونيات على أن يديرها مجموعة كبيرة من الموظفين والذين يقومون بدورهم بتسديد قيمة المعدات لاحقا. 

أهم ما يجب أن يشمله برنامج دعم شركات الموظفين هو التركيز على القطاعات التي يمكنها توظيف أكبر عدد من العمال حتى نتمكن فعلا من خلق وظائف ملائمة كافية للأجيال القادمة.

نقلا عن اليوم