تقوم معظم الشركات البتروكيماوية بدراسة التغيرات التى تطرأ على الاستخدامات الصناعية وعلى الاسواق وتجتهد لمواكبة هذه التطورات حتى تستمر فى المقدمة.
ولا يمكن لأي شركة بتروكيماوية مهما عظم شأنها الاستمرار في المقدمة ما لم تعمل لنفسها خططاً واستراتيجيات تستطيع من خلالها مسايرة ما يحدث من تقدم.
فعلى سبيل المثال تبقى «باسف» الالمانية اكبر شركة كيميائية ولعقود خلت واستمرت فى تربعها على قمة صناعة الكيماويات العالمية لاكثر من قرن ونصف.
تأسست «باسف» فى عام 1869 لإنتاج الامونيا والاصباغ، ولقد تغيرت منظومة الانتاج هذه وتعقدت عبر السنين، ولقد اعلنت الشركة مؤخراً في ذكرى تاسسيسها المائة والخمسين عن تغيير شعارها من "الشركة الكيميائية" الى "الشركة التي تقوم بتطويع الكيمياء" وهي اشارة الى انها تبتكر المنتجات.
وتمكنت «باسف» ان تصبح أحد اكبر وافضل من يصنع المواد البلاستيكية المتخصصة التى عملت على تطويرها باستمرار لتواكب الطلب العالمي وتغييره.
وتدرك «باسف» ان قدرتها الابداعية وصرامة قادتها وقوانينها الداخلية هى ما جعلها على قمة الصناعات الكيميائية العالمية.
وتنفق الشركة حوالي ملياري يورو سنوياً على مشاريع البحث والتطوير أو ما يعادل 3% من اجمالي المبيعات، ولديها 70 مركز بحث حول العالم يعمل فيها 10.600 موظف وتحصل الشركة سنويا على حوالى 1200 براءة اختراع.
وأعلنت الشركة مؤخراً ان استراتيجيتها المستقبلية سوف تتناول المجالات التالية:
الحياة في المدن: يتوقع ان يبلغ عدد سكان العالم بعد 30 سنة حوالى 10 مليارات نسمة وسيعيش 70% منهم فى المدن؛ ولذلك ستحتاج هذه المدن الى مصادر نظيفة للمياه والى تقنيات لمعالجة النفايات والى تصنيع مواد مناسبة لبناء المنازل.
وثاني المجالات الاستراتيجية هو الطاقة الذكية، حيث سيرتفع الطلب على الطاقة مع زيادة عدد السكان؛ ولذلك سيكون توليد الطاقة من مصادر مجدية اقتصادياً ومتجددة أمراً استراتيجياً فى المستقبل.
وأما المجال الاخير فهو الغذاء، فبدون شك سيكون إطعام البشر مع الزيادة الكبيرة بعدد السكان أمراً استراتيجياً سيحدد هوية الشركات الناجحة بالمستقبل.
إذاً باختصار، رسمت «باسف» استراتيجيتها الجديدة كلها حول البشر وكيف تستطيع تطويع الكيمياء واستخدامها لإيجاد طرق جديدة لإنتاج الغذاء والماء والطاقة بوسائل مجدية اقتصادياً.
وتشتهر «باسف» بشراء شركات جديدة والتخلص من وحداتها التى لا تلائم تطلعاتها المستقبلية، وعلى سبيل المثال قررت ان تدخل عالم حفازات صناعة التكرير فاستحوذت فى عام 2006م على شركة انجلهارد للحفازات مقابل 5 بلايين دولار.
وفى عام 2008م استحوذت «باسف» على شركة سيبا للمواد الكيميائية المتخصصة بحوالى 5 مليارات دولار. وفى عام 2012م استحوذت «باسف» على شركة بيكر لانتاج البذور الحيوية بحوالى بليون دولار.
وتهدف «باسف» بهذا الاستحواذ الى التقدم فى الانتاج البيولوجي للحبوب الغذائية وحمايتها. والجدير بالذكر ان قطاع الحبوب الزراعية وحماية المحاصيل فى «باسف» بلغت مبيعاته فى 2013م ارقاماً قياسية عند 5.2 بليون يورو، ومن المتوقع ان ترتفع هذه المبيعات مع السنين القادمة.
ويساعد هذا القطاع المزارعين على حماية البذور النباتية مما يساهم فى إنتاج غذائى أكثر وجودة افضل وربح اعلى.
وفى نفس الوقت، تخلصت «باسف» فى عام 2013م من مصنع الاكريلك فى بلجيكا. وفى عام 2014 م استحوذت شركة اركروما على قطاع الانسجة فى «باسف»، حيث يشتمل هذا القطاع على استخدام مواد كيميائية متخصصة فى صناعة الملابس وصناعة الاصباغ.
باختصار، لقد عملت «باسف» على التخلص من كثير من القطاعات التى لا ترى فيها فائدة كبيرة ضمن الشركة فى المستقبل او التى لا تخدم توجهاتها المستقبلية مثل قطاع الستايرن.
ولو نظرنا بعين ثاقبة لوجدنا ان توجهات «باسف» غالباً ما تكون صحيحة؛ ولذلك استطاعت ان تفرض نفسها كأكبر شركة كيميائية فى العالم ولعقود طويلة.
ولقد بدأت من شركة صغيرة الى اكبر شركة كيمياوية فى العالم يبلغ عدد موظفيها حول العالم 112،200 ويصل حجم مبيعاتها السنوية حوالى 80 مليار يورو بعد ان كانت 36 مليار دولار فى عام 2000م، وتهدف الى رفعها فى العام 2020م الى 110 مليارات يورو.
وتواجه «باسف» عدة تحديات كبيرة منها الحظر المفروض على روسيا الامر الذى سيضر بشراكتها مع غازبروم الروسية (وهذا يفسر موقف المانيا من العقوبات على روسيا)، وانخفاض الطلب على الكيماويات فى اوروبا والصين.
ولأنها تدخل فى صناعة النفط والغاز فإن انخفاض اسعار النفط له أثر سلبي على أداء «باسف»، لدرجة ان انخفاض اسعار النفط بحوالى 10% يخفض ارباح «باسف» بحوالى 2-3%.
وحتى الاستحواذات الاخيرة لم يشهد بعضها النجاح المتوقع، فعلى سبيل المثال لم يشهد قطاع الاضافات البلاستيكية الذى بات يضم شركة سيبا نجاحات كبيرة.
وفى الختام، أعلنت «باسف» أنها ستستفيد من الغاز الصخرى الامريكى الرخيص، مثل باقى الشركات العالمية، وستبني بالشراكة مع شركة يارا النرويجية للأسمدة مصنعاً لانتاج الامونيا في تكساس بتكلفة 600 مليون دولار، وسوف تنشئ مصنعاً اخر لانتاج البروبيلين من الغاز الصخرى باستثمار حوالى 1.4 مليار دولار.
كما ستستثمر حوالى 30 بليون يورو فى السنوات الخمس القادمة فى كل من الصين والبرازيل والمانيا وبولندا وامريكا. وتساهم حالياً «باسف» فى إنتاج المواد الكيميائية لمجالات تطبيقية واسعة فى قطاع النفط والغاز وقطاع المواد المتخصصة والحبوب الزراعية وقطاع الطاقة والمواد الحفازة.
وفي كلمة أخيرة، فإن «باسف» لا تملك أية ميزة تنافسية سوى قدرتها على الابتكار والابداع والعمل بجهد لتطويع الكيمياء.
نقلا عن اليوم
شكرا يادكتور علو هذه المعلومات القيمة والمفيده ..
مقال غني بالمعلومات و جدير بالدراسة الجادة. الف شكر لك يا دكتور سليمان
وشركاتنا مكانك راوح !! لا ومدعومة ومطبب ع أكتافها!! عمر التدليع ما يطلع احد !! ومن تعود المشي ع عكاشات سنين طويلة سوف يفقد عضلاته تماماً !! ويصبح في منتهى الرخاوة!! ولن يصمد لأي هزة !!
عكازات !! موش عكاشات يا مصحح آلي!! حتى الاعتماد ع مصحح آلي يضعفنا !
وفي كلمة أخيرة، فإن «باسف» لا تملك أية ميزة تنافسية سوى قدرتها على الابتكار والابداع والعمل بجهد لتطويع الكيمياء هذه الجملة هي الاساس !! شركاتنا لم تستطيع الفطام (من دعم الدولة ) لذلك بدون دعم من الدولة باسعار مواد طاقة تنافسي وخدمات الخاصة بالاراضي باسعار شبه مجانية ومع ذالك بدون هذه الدعم لن تستطيع الصمود لأن هذه الدعم اصبح له أثر عكسي من ناحية تخدير شركاتنا البتروكماوية