خمسة آلاف ريال فقط حتى الآن !!

23/02/2015 12
محمد العمران

بدأت المصارف التجارية في المملكة لأول مرة تقديم خدمة الصرف الآلي لعملائها نهاية الثمانينات الميلادية، حيث كانت الخدمة حينها تقتصر على شبكة مكائن الصرف الآلي الخاصة بكل بنك، ثم أعقب ذلك في بداية التسعينات الميلادية تأسيس الشبكة السعودية (سبان) وتم لأول مرة الربط بين شبكات المصارف وبالتالي إمكانية السحب بين مكائن المصارف المختلفة تحت إشراف ورقابة مؤسسة النقد التي ألزمت المصارف بأن لا يتجاوز الحد الأقصى للسحب اليومي مبلغ 5.000 ريال فقط من كل عميل وحتى يومنا هذا.

بشكل عام، يجب أن نتفق أن وضع حد أقصى للسحب اليومي هو إجراء سليم يهدف لحماية العميل ويتوافق مع ما هو معمول به في شبكات السحب الدولية ولكن يجب أن نتفق أيضاً أن هناك قيمة زمنية للنقود تتغير بمرور الزمن بسبب تآكل قيمتها الحقيقية نتيجة للتضخم، ولذلك فإذا افترضنا مثلاً أن متوسط نمو التضخم السنوي على الريال السعودي في الخمس والعشرين عاماً الماضية يبلغ 4 بالمئة (وهو رقم متحفظ)، فإن هذا يعني أن مبلغ 5.000 ريال في بداية التسعينات الميلادية يعادل في قيمته الحقيقية اليوم مبلغ 10.000 ريال وربما أكثر، وأعتقد أن هذه من المسلمات الاقتصادية التي لا يختلف عليها أحد.

هذا يدل على أن الحد الأقصى للسحب اليومي في واقع الأمر انخفض بنحو نصف قيمته الحقيقية أو أكثر منذ بدء مؤسسة النقد إشرافها ورقابتها على عمليات السحب النقدي في المملكة وفي رأيي المتواضع كان من المفترض أن يتم تثبيت قيمته الحقيقية بمرور الزمن من خلال رفع الحد الأقصى بشكل متواز وتدريجي مع ارتفاع معدلات نمو التضخم، وما يؤكد على هذا الرأي قيام بعض المصارف التجارية منذ سنوات طويلة بمخالفة تعليمات مؤسسة النقد من خلال رفع الحد الأقصى للسحب اليومي تجاه فئة خاصة من عملائها وتحت مسؤوليتها إدراكاً منها لأهمية هذا الأمر.

هناك احتمالات كبيرة بأن تكون مؤسسة النقد هي من تعمدت عدم رفع الحد الأقصى على أساس أنها تستهدف تخفيض مخاطر السحب النقدي على العملاء، وإن ثبت ذلك فعلاً فأعتقد أنه خطأ إستراتيجي كبير لأن النتيجة التي نلمسها الآن أن كل من يعاني من هذه المشكلة لديه اليوم أكثر من حساب مصرفي وأكثر من بطاقة سحب والأهم أنه يقوم فعلاً بسحب المبلغ الذي يريده ولكن من خلال عمليات عدة ومكائن عدة في اليوم نفسه، وهذا بالتأكيد يثقل كاهل البنية التقنية للمصارف والبنية التحتية لمؤسسة النقد دون أي مبرر بينما كان بالإمكان تفادي المشكلة فيما لو أعطوا العملاء حق اتخاذ القرار المناسب لهم.

نقلا عن الجزيرة