السعودة الوهمية وتأثيرها على الأجور

18/02/2015 2
خالد الشنيبر

كثير من البرامج تم تطبيقها في سوق العمل، خلال السنوات الأربع الماضية؛ لدعم السعودة وتوظيف الأيدي العاملة المحلية من الجنسين، وانقسمت البرامج من ناحية تأثيرها سواء كانت بالإيجابية أو السلبية على طرفي سوق العمل (العامل) و(صاحب العمل)، وفي هذا المقال سأتطرق لأهم تأثير حاصل، والذي يختص في تأثير وجود السعودة الوهمية على تحديد الأجور للأيدي العاملة المحلية، وهل هذا التأثير صحي أم ضار على سوق العمل إجمالا؟.

سيناريو حاصل في سوق العمل، منشآت يستصعب عليها توظيف أيد عاملة محلية؛ لأسباب تتعلق بنوع نشاطها، أو بسبب فرض نسب سعودة مرتفعة عليها وفقاً لبرنامج نطاقات، ومن ثم تتجه تلك المنشآت إلى التوظيف الوهمي - غالباً بتسجيل أفراد بالحد الأدنى للأجر لاحتسابه في التأمينات الاجتماعية كفرد كامل (٣٠٠٠) ريال شهريًا بدون عمل فعلي ولا يحملون مؤهلا أو مؤهلهم متدن من الجنسين - بغرض تحقيق نسبة السعودة المطلوبة، حتى تستمر في وجودها الفعلي في سوق العمل.

ومن هذا التوجه أدمن سوق العمل -تقريبًا- على السعودة الوهمية، وأصبح الطلب مرتفعًا عليها، فكانت المرحلة التالية بعد ندرة الحصول على أسماء وهمية لتسجيلها هي التوجه لرفع الأجر المتفق عليه مع الأسماء الوهمية عند احتسابهم في التأمينات الاجتماعية، بغرض التنافس بين المنشآت على جذب الأسماء الوهمية للتوقيع مع المنشأة، ووصلت إلى ما يقارب الـ (٥٠٠٠) ريال شهريًا وذلك بعد نجاح المنشأة في التوقيع على اتفاقية مع صندوق تنمية الموارد البشرية لدعم توظيف السعوديين والحصول على دعم مادي لأجورهم، ومن هنا كان الخلل الأكبر، وأصبح تفكير الفرد بأن قيمته في سوق العمل بدون عمل فعلي هي هذه الأرقام، وأن قيمته في سوق العمل بوجود عمل فعلي أكبر من هذه الأرقام بكثير بغض النظر عن مؤهلاته وكفاءته!

ما تم سرده في السيناريو السابق واقع مؤسف صراحة، ولا يمكن إنكاره، والمتضرر الأكبر هو سوق العمل، وخصوصاً المنشآت المهتمة في التوظيف الحقيقي للأيدي العاملة المحلية، فنجد أن سقف توقعات الأيدي العاملة المحلية أصبح مرتفعاً جداً، ومن الصعب توفيره للمنشآت الحديثة والصغيرة والمتوسطة خاصة، وهذا التأثير هو سبب من الأسباب الرئيسية في تضخم الأسعار، والمتضرر منه أصحاب الدخل المحدود والمتقاعدون.

ختامًا، لا يعني كلامي بأني ضد رفع أجور الأيدي العاملة المحلية، ولكن للأمانة هناك فارق كبير بين سقف توقعات الأيدي العاملة المحلية الداخلة حديثاً للسوق، وبين واقع وتقييم أجور الوظائف في سوق العمل بالمملكة حالياً، والأهم من ذلك أن الاستمرار بتجاهل هذا التأثير غير صحي لسوق العمل، وسيكون له أثر كبير في تدني التراكم المعرفي داخل سوق العمل، وسيشكل عائقا في تطبيق السعودة بمعناها الحقيقي الذي بدأت من أجله.

نقلا عن اليوم