لا شك أن الترنح الذي أصاب الاقتصاديات الكبرى في مقتل، لا يزال يخلق حالة من عدم اليقين في حاضر ومستقبل تلك الاقتصاديات خاصة اقتصاديات دول منطقة اليورو وشريكاتها من الاقتصاديات الإقليمية، في وقت دخل فيه عامل البحث عن سعر عادل للبترول بعد تذبذب سعره بل هبوطه بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ صناعة البترول، جعل العديد من الدول النامية والناشئة تقف لتلقِي الدروس المستفادة من هذا الواقع، وكيف لها أن تصنع توليفة اقتصادية تسهم في تنويع اقتصادها بشكل يجنبها مخاطر الاعتماد على مصدر الدخل الواحد.
اعتقد لدينا في المملكة مؤشرات إيجابية تؤكد قدرة الاقتصاد السعودي على الخروج من أسباب الترنح الذي أصاب غيره من الاقتصاديات الإقليمية والعالمية، فالسياسات الاقتصادية حاليا تتجه بشكل مدروس لصناعة اقتصاد قائم على المعرفة في ظل سياسات حكومية تتجه نحو تعزيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة للدخول في أكثر من خط إنتاج صناعي وزراعي وغذائي وتجاري، لتجعل الاقتصاد السعودي في مأمن من الانزلاقات التي تسببها مخاطر الاعتماد على مصدر دخل وحيد كالبترول على نحو محدد.
وفي ظل هذا الواقع تبقى السياسات الحكومية الرامية لتعزيز الاتجاه نحو التنويع الاقتصادي بشكل متأن ولكنه حصيف في نفس الوقت ،مع تعزيز إنتاج الصناعات التحويلية والصناعات الكيميائية والصناعات الأخرى ذات الصلة، تبرز مسألة مهمة وهي تدعيم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بتحويلها إلى أجسام اقتصادية كبيرة تتحمل أي نوع من المخاطر التي تقع عليها بسبب أو بآخر، وتأتي في مقدمة هذه المسائل اتباع سياسة الاندماج خاصة وأن هناك العديد من التقارير الدولية التي تتوقع نمو الاستثمار الأجنبي بالسعودية بنسبة لا تقل عن 4% في العام 2015.
وهناك مؤشرات إيجابية واضحة المعالم، تصب في صالح هذا التفاؤل نحو إحداث نقلة في نمو الاقتصاد، وذلك من خلال استمرار السعودية في تحفيز سياسة التنويع الاقتصادي، في ظل جدية الحكومة في تعزيز هذا التوجه، والشكل الذي خرجت به ميزانية العام المالي الجديد تدل عن أهمية هذا التوجه وتعزيزه، ومن شأن ذلك الإسهام في زيادة ودفع واستمرار نمو صفقات الاندماج والاستحواذ في البلاد خلال 2015 بتوقعات تذهب إلى أكثر من 10%.
نقلا عن اليوم