الآن هو الوقت المناسب لتقليل دعم الطاقة ووقف الهدر المستديم للمال العام في معظم دول منظمة «أوبك»، خصوصاً الدول النفطية الخليجية من دون استثناء. صحيح ان الأمر يتطلب قراراً صعباً، خصوصاً أنه قد يبدو غير مناسب مع انخفاض أسعار النفط وتراجع كلفة الدعم على المال العام، لكن على الحكومات التركيز على انخفاض العائدات المالية العامة بأكثر من 50 في المئة مع تراجع الأسعار العالمية للنفط. ان الوقت المناسب هو الآن، وإلا ستضطر الدول النفطية إلى السحب من الاحتياطات المالية التي تراكمت خلال الطفرة الأخيرة للأسعار أو الاقتراض محلياً أو خارجياً.
الآن بعد مضي ثلاثة أشهر على قرار المنظمة البترولية الإبقاء على سقف الإنتاج والإصرار على عدم خفض الإنتاج على رغم نزول سعر البرميل إلى ما دون 45 دولاراً لمعظم نفوط الخليج العربي، لا تزال «أوبك» متماسكة وملتزمة قرار عدم الخفض بل وأصبحت أكثر قناعة من أي وقت مضي بأن قراراها كان الأفضل والأسلم للحفاظ على حصصها السوقية في وجه المنافسة من الدول غير الأعضاء التي بات لزاماً عليها ان تواجه تراجع الأسعار بخفض إنتاجها بالتعاون مع دول «أوبك».
ولهذا السبب تتسابق الشركات النفطية العالمية على تقليص النفقات بتقليص إداراتها والاستغناء عن وظائف في شركات الخدمات النفطية الكبرى (أكثر من 30 ألف وظيفة)، إضافة إلى خفض معدلات الإنتاج وعدم الاستثمار في استخراج النفوط من الحقول العميقة والمكلفة وحتى في إنتاج النفط الصخري الذي انخفض بمعدل 10 في المئة. كل هذا هو بهدف التعامل مع التطورات الجديدة مثل خفض الأسعار الذي استدعى عدم التوسع في تطوير حقول جديدة تجنباً لعدم الحصول على عائدات مالية مناسبة.
وحتى تتمكن هذه الشركات النفطية من التعامل بالمعدل المنخفض للنفط إلى ان تتحسن الأسعار خلال السنوات المقبلة، هي تعمل على فرملة مشاريعها تجنباً للدخول في مرحلة «سبات» إذا توقف الجميع عن تطوير الاستثمار والإنتاجات الجديدة في قطاع النفط. ولأن أسعار النفط ستتحسن في المدى المتوسط، ستتعامل الشركات النفطية وتتفاعل مع المعطيات والواقع الحالي.
في المقابل ما من تحرك من جانب الدول النفطية الخليجية لـ «تعقيل» أوجه الدعم المختلفة في الكهرباء والماء والمشتقات النفطية وترشيده، فدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمثل أكثر من 50 في المئة من إجمالي الدعم في العالم. والمؤشر الأكثر خطورة هو ان معظم أعضاء «أوبك» ينفقون أكثر من إيراداتهم المالية على دعم المشتقات النفطية بدلاً من قطاعات مثل التعليم عدا الكويت.
ألم يحن الوقت لاتخاذ القرار المناسب وأن تتوحد الرؤية والرسالة المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي على الأقل لوضع حد للهدر بعد خسارة نصف العائدات النفطية وهي أبرز مصادر تمويل موازنات هذه الدول؟
نقلا عن الحياة