من المتوقع أن يصدر قرار بفصل وزارة التجارة عن الصناعة خلال فترة لا تقل عن سنة، واختلفت الآراء حول هذا التوجه، فكثير من الدول التي تقدمت علينا لديها وزارات مشتركة ولم تتجه لإعادة هيكلة وزاراتها، ولكن الحال يختلف تماماً في المملكة وتوجهاتها المستقبلية في أهمية وجود ذراع اقتصادي صناعي وعدم الاعتماد على ذراع لا يمكن التنبؤ في مستقبله وهو ذراع النفط.
أنا من المؤيدين لقرار فصل «التجارة» عن «الصناعة»، والهدف الرئيسي من ذلك هو تنويع مصادر الدخل وعدم اعتماد اقتصادنا على النفط، فوجود وزارة مستقلة للصناعة مطلب وسيطور من القطاع الصناعي في المملكة وسيساعد في تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتحول إلى الصناعات الكبيرة وستشهد الصناعة نقلة نوعية كبيرة، وهذا التوجه من وجهة نظري ليس بالسهل الإنجاز فيه خصوصاً في ظل وجود وزارة البترول والثروة المعدنية، والمهم في ذلك التوجه أن تركيز كل وزارة سيكون في مجال اختصاصها.
المرحلة الحالية في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية وتغير أسعار النفط يجب الاعتبار منها وذلك بالتوجه إلى إستراتيجية الاهتمام في الصناعة لزيادة الناتج الإجمالي المحلي ومعالجة العديد من التشوهات الاقتصادية التي تراكمت لسنوات ماضية، والوزير وفريقه الشاب يجب أن يكملوا مسيرة التأسيس الصحيح الذي بدأوا فيه منذ ثلاث سنوات في وزارة التجارة والصناعة قبل أن يتم فصلها، فقبل أكثر من سبع سنوات استلم الدكتور توفيق الربيعة زمام الأمور في هيئة المدن الصناعية، وفي عام 2010م كلف بالعمل وكيلاً لوزارة التجارة والصناعة لشؤون الصناعة ومشرفاً على الإستراتيجية الصناعية الوطنية بالإضافة إلى عمله، وبعد ذلك كانت النظرة الثاقبة من القيادة الحكيمة في تعيينه وزيراً للتجارة والصناعة، ومنذ ذلك الوقت توالت الإنجارات التي بدأها من هيئة المدن الصناعية، وكانت أهمها إعادة أموال آلاف المواطنين الذين تلاعب بهم «مافيا المساهمات العقارية»، ومن الإنجازات أننا خلال فترة بسيطة نسينا عبارة حفظناها من كثرة قراءتها وهي عبارة «تاجر شهير تحتفظ الجريدة باسمه» وذلك بتطبيق مبدأ لم نعتد عليه وهو التشهير بكل تاجر مخالف، وبمعنى أوسع أعاد هذا الوزير دور الوزارة الذي لم نحس به منذ دمجها، وأصبحت وزارته «الوزارة المثالية» التي أعادت الروح بالرغم من ما تواجهه من تحديات.
استقلالية الصناعة عن التجارة، إضافة إلى موقع المملكة الجغرافي المميز، ووجود وزير مثل توفيق الربيعة على رأس كل منها، والاهتمام بالثروة البشرية، سيجعل الاقتصاد السعودي ذراعا صناعيا مميزا على المستوى العالمي، والأهم أن لا نستعجل في عملية الفصل حتى يتم التأسيس الصحيح لهما، وحتى تنتهي وزارة العمل من توجهاتها ويستقر وضع سوق العمل في المملكة.
نقلا عن اليوم