كما يقال في المثل الشعبي المعروف (يد وحدة ما تصفق)، والتعاون في توظيف الأيدي العاملة السعودية واجب وطني لا يمكن إنكاره، والواقع أن السعودة أصبحت (لغزا) عاجزين عن حله حتى الآن، فهل السبب أننا لم نتكاتف؟ أو السبب أن المسار الذي بدأنا به في خطط السعودة كان غير صحيح؟ أم السبب أننا نحاول علاج مشكلة إدمان اقتصادنا على الأيدي العاملة الأجنبية ببترها مرة واحدة؟.
وجود فجوة كبيرة بين مهارات العديد من الأيدي العاملة السعودية في الوقت الحالي وبين متطلبات سوق العمل أمر ليس بعيب أن نعترف فيه، وهذه حقيقة لإهمال تراكم لسنوات عديدة ابتداء من مراحل التعليم، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد لدينا كفاءات محلية تمتلك مهارات وإبداعات تنافس نظيرتها من أي جنسية أخرى، مع تقديري واحترامي للدور الذي تلعبه وتؤديه في خدمة القطاع الخاص في المملكة.
سعودة الوظائف قادمة لا محالة، لكن المحال أن ننجح في عملية السعودة عشوائياً أو بشكل مفرد من جهة واحدة أو بمرحلة قصيرة أو حتى بالبدء في المناصب الدُنيا، ومن وجهة نظر شخصية وأراهن عليها أرى أن حل مشكلة السعودة والذي سيزيد من مصداقية الأرقام هو أن تبدأ السعودة من المناصب العليا ومناصب أقسام الموارد البشرية بالكامل وليس من المناصب الدُنيا، لأن وجود كفاءات سعودية في تلك المناصب يعني أن هناك ذراعا ثانية ستساعد وزارة العمل على نجاح عملية السعودة، وأنا على يقين بأن لو كان هناك برنامج لدعم توظيف المناصب العليا في القطاع الخاص ويرتبط هذا البرنامج بمحفزات حقيقية، فسيكون ناتج ذلك عمليات توظيف وتطوير حقيقية للأيدي العاملة المحلية في جميع المستويات، والسبب بكل بساطة أن الموظف السعودي في المناصب العليا سيكون أكفأ وأقدر على تقديم حلول جذرية إبداعية في عمليات توظيف الأيدي العاملة السعودية من نظيره الموظف غير السعودي في المناصب العليا، ولأنها مسؤولية وغيرة وطنية في المقام الأول، ولأن وجود الموظف السعودي في المناصب العليا لن يكون بمثابة عائق في نجاح عملية السعودة.
ختاما، يجب أن ندرك أن السعودة ليست مهنة ولا تعجيزا ولا أرقاما، السعودة الحقيقية هي (تطوير) كفاءات وطنية للعمل، ولو قسمنا المهمة إلى قسمين: الأول تتولى الجزء الأكبر منه وزارة العمل، وينصب التركيز فيه على تطوير الأيدي العاملة السعودية لتأهيلهم لسوق العمل والقطاع الخاص الجزء الأصغر، والثاني يتولاه القطاع الخاص كاملاً وهو توظيف الأيدي العاملة السعودية ابتداء من المناصب العليا، لكن الحال أفضل مما هو عليه في الوقت الحالي.
نقلا عن اليوم