رغم ضعف الثقة في بورصة الكويت، إلا أن بعض الأسهم منخفضة عن قيمتها المنطقية والعادلة بشكل حاد ومستمر لفترة طويلة نسبياً، والذي يرجع لعدة أسباب، وربما تكون كثيرة جداً، وسنتحدث عن سبب واحد فقط في هذه المناسبة من تلك الأسباب المتعددة .
وذلك السبب مرتبط بـ " نحّاسة " وجشع وطمع البعض، ولنقل هكذا وبشكل مباشر وصريح ! ، فعلى سبيل المثال : عندما يعلم المسيطرون - وهم فئة " المطلعون " - على الشركة محل هذا الموضوع أن مساهم لا يعرفونه كما يُقال : " من أهل الله " لديه كمية لا بأس بها من الأسهم، يتم الضغط على السهم لوضعه في حالة " التململ " لإجباره على بيع أسهمه بأقل مستويات سعرية ممكنة ، أي حتى يتم طرده من قائمة المساهمين ، ويفضل كلياً إن لم نقل لمعظم كميته ، ويساعد هؤلاء " المجرمون " -في تنفيذ مآربهم - الظروف الراهنة الراكدة المتسمة بضعف الثقة وعدم الإقبال على الشراء بشكل عام .
ويتلخص تكتيك " المطلعين " بعرض كميات كبيرة نسبياً من الأسهم المعنية حتى يتم إيهام هذا المساهم الغير مرغوب به بكثرة الراغبين في البيع، والذي قد يوحي بأن وضع الشركة سلبي، بينما الوضع الحقيقي خلاف ذلك ، أي إيجابي، ويتم تكرار العروض الوهمية بشكل يومي مع الحرص على عدم طلب أي كميات مرتفعة نسبياً لإحكام عملية " التطفيش "، والتي قد تمتد لشهور، وربما بما يفوق العام، وليس لأيام أو أسابيع، أي وضع هذا المساهم " المنبوذ " في فخ " الكمّاشة "، وذلك بجعل أسهمه بين " مطرقة " ضعف الطلبات و" سندان " ارتفاع العروض، وذلك للضغط على هذا المساهم المسكين لبيع أسهمه بأبخس الأثمان، وحتى يتم حرمانه من البيع بأسعار أعلى وتحقيق ربح مناسب لفترة انتظاره الطويلة أو تعبه في دراسة وتحليل وضع الشركة المعنية ، والتي هي ممتازة من حيث التحليل الأساسي.
ولا شك بأن هؤلاء " المطلعين " أو " النصّابين " - في حالنا هذا - يتوفر لديهم كشف المساهمين يومياً لمتابعة رصيد أسهم الشخص أو الأشخاص غير المرغوب فيهم أو المرغوب طردهم ، وربما يعاند هؤلاء " المغضوب عليهم " ويظلون محتفظين بأسهمهم ، بل وربما اكتشفوا تعمّد الضغط والطرد، وبالتالي، رفعوا كمياتهم مستفيدين من جو " الضغط والتجميع " أو وضع " الكمّاشة " الذي صنعه الخصوم " المجرمون " ، وقتها، تثور ثائرة النصّابين، وبالتالي ، ينتقلون إلى الخطة رقم (2)، والتي قد يكون من خطوطها العريضة تعمّد إظهار نتائج سلبية للشركة ، أو بث إشاعات سلبية عنها لترويع المساهمين من نوع : " من أهل الله " ! ، ناهيك عن حجب الأخبار والمعطيات الإيجابية عن الشركة في مقابل تضخيم لمشكلات الشركة أو حتى اختلاقها ، أو " التطبيل " لتداعياتها السلبية، سواءً من خلال إعلانات رسمية مضللة أو " ملعوبة " يتم نشرها من خلال موقع البورصة الرسمي، أو من خلال بعض الصحف والأقلام المأجورة ، بالإضافة إلى الاستخدام المتقن والمحترف لوسائل التواصل الاجتماعي ... إلخ .
ونادراً ما يصمد المساهمين الأبرياء في تلك الحرب الشرسة أو الشعواء المنظمة من داخل الشركات التي يساهمون بها، وبالتالي، فإن معظمهم يسيّل أسهمه في القاع، أو قريباً منه، وفي أحسن الأحوال في بداية أي ارتفاع للسهم للتخلص من هذا " الكابوس " !
وفور علم أفراد " العصابة " من خلال كشوف المساهمين بتخلص الأشخاص المغضوب عليهم أو غير المرغوب فيهم من أسهمهم أو معظمها بحيث يكون هؤلاء الأشخاص " المطلعين " أو " المجرمين " هم المشترين لمعظم الأسهم التي باعها " المساكين " بأبخس الأثمان، وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر ، وبعدها ، يقوم هؤلاء " المطلعين " بنشر الأخبار الإيجابية والنتائج الممتازة والمعطيات الوردية فيقفز السهم فجأة وبشكل حاد ، وبالتالي، يتم التصريف على مساكين آخرين بالأسهم المباعة بأسعار مرتفعة جداً، أي تنفيذ عملية " التدبيس " بكل إتقان واحتراف ! ، وربما يقع نفس المساكين السابقين، أو جزء منهم في " فخ النصّابين " مرة أخرى !، وهكذا دواليك، يتم إعادة " السيناريو " من جديد لامتصاص دماء المساهمين الأبرياء ، وحتى يعود هؤلاء المجرمين للاستمتاع بالتهام السحت وابتلاع الزقوم - والعياذ بالله - على حساب الآخرين المساكين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وعادةً ما يتم إطلاق عدة مسميات وأوصاف على تلك النوعية من الأسهم ومن يقفون وراء تطفيش المساهمين المساكين خاصةً صغارهم، ومن الأوصاف لتلك الأسهم أو لسهم معني بهذا الإجرام ، أن يتم تسمية السهم محل النصب والاحتيال أو " الكمّاشة " بـ " السهم اليهودي "، ناهيك عن وصف صنّاع سوقه بالأنانية والنحّاسة واللعانة والشح والبخل وغيرها من النعوت السلبية.
وختاماً، نرى بأنه رغم وضوح ظاهرة " السهم اليهودي " وتواجدها حالياً في سوق الكويت للأوراق المالية ، إلا أنها محدودة، وربما بما لا يزيد عن 10 أسهم من 200 سهم مدرج تقريباً، وذلك حسب تقديراتنا الأولية، وبالتالي، عدم صحة ما يردده البعض -بل الكثيرون - بأن السبب الرئيسي لتراجع وتدهور البورصة الكويتية هو " الضغط والتجميع "، أي أن تعميم ظاهرة " السهم اليهودي " هي حاله غير منطقية كونها تستند على تحليلات مرسلة أو مجرّد " كلام شعبي "، وإن صدر ذلك من خلال تلفزيونات رسمية ووسائل نشر قد تكون مُعتبرة من جانب البعض !