على الرغم من أن الجميع يسعد بتأسيس الشركات الجديدة بالأنشطة التي تشهد احتكاراً من شركات او تجار وطرحها للاكتتاب لمشاركة المواطنين في تلك الاستثمارات ورفع مستوى خدماتها وتقديمها بالأسعار العادلة، إلا أن عدم نجاح جهاتنا في تحقيق التوازن بين عنصري توفير فرص المنافسة وحماية الاستثمارات القائمة تسبب في تحول شركاتنا الى محرقة لأموال المواطنين وهو مانشاهده في نتائجها الخاسرة وإعلانات تخفيض رأس المال لشطب الخسائر.
ففي الوقت الذي شاهدنا فيه الأثر الايجابي لفتح فرص المنافسة في بعض القطاعات وانعكس على مستوى الخدمة والسعر، بدأنا نعاني من زيادة عدد الشركات في بعض القطاعات بأكثر من طاقتها بتأثر مستوى الخدمة بشكل كبير تضرر منه المستفيد ولم يرض المستثمر بالشركات، ولتتحول الإيرادات المتناقصة للصرف على الإدارة والتسويق، فمع إعلان شركة الاتصالات المتنقلة "زين" الأسبوع الماضي بتوصية تخفيض رأس المال بنسبة (46%) كتخفيض آخر بعد التخفيض الأول قبل حوالي (3) سنوات كإجراء اتبعته جميع شركاتنا لضمان الاستمرار بالسوق وتداول السهم وعبر شطب الخسائر وإعادة الاكتتاب، مازال المستثمر يتساءل عن متى تنتهي تلك الخسائر المتواصلة في هذا النشاط المربح الذي قد لا يكون بسبب إدارة الشركة لوحدها تبعا لشدة المنافسة الحالية والمستقبلية وارتفاع قيمة الرخصة وعدم تحقق الوعود بتحقيق الأرباح مثلما سمعنا من وعود سابقة!
ففي قطاع الاتصالات حدثت نقلة نوعية بدخول مشغلين إضافيين للهواتف المتنقلة عبر شركتي موبايلي وزين وهو القطاع الذي يتميز بالنمو السريع وانخفاض السعر مع التقدم التقني وتعدد الأنشطة وتأسيس شركات اتصالات أخرى بالقطاع خلال فترة قصيرة، ولكن وجدنا بان هيئة الاتصالات مازالت مستمرة في ضخ المزيد من الشركات بالقطاع على الرغم من مواجهة معظم شركاته لمشاكل كبيرة تسببت في إيقاف وتخفيض رأس المال، وبدلا من حل مشاكل القطاع رخصت قبل أشهر لشركتين جديدتين للاتصالات المتنقلة ستعمل مع مقدمي الخدمة المضيف شركتي الاتصالات السعودية وموبايلي وهناك ترخيص ثالث سيصدر للعمل مع المضيف شركة زين لتصبح لدينا (6) شركات اتصالات متنقلة، وفي وقت أصبحنا نعاني فيه من انحدار في مستوى الخدمات وتحايل بالباقات، فزيادة عدد الشركات المقدمة للخدمات بالقطاع بأعلى من المستوى العادل للمستثمرين يرفع عامل التكلفة ويخفض مستوى الخدمة لتغطية التكاليف المالية وخصوصا ان التكاليف الثابتة لها الوزن الأعلى مما يتسبب في تضرر المواطن والمقيم من سوء الخدمة وخسارة الاستثمار!
وهو مايتطلب أيضا عدم توريط المستثمرين في طرح شركات جديدة بالقطاع مادام انه يعاني من خلل كبير تسبب بالخسائر لشركاته.
ومانجده في قطاع الاتصالات نراه في قطاعات أخرى بالتوسع المبالغ فيه بفتح السوق لعدد كبير من الشركات مثل قطاع التأمين الذي تعاني معظم شركاته من قلة الكفاءات والخسائر المتواصلة التي أجبرتها على شطب الاسهم لتخفيض الخسائر وإعادة الاكتتاب ولأكثر من مرة لضمان استمرار المضاربة بها، فالمواطن لم يستفد من زيادة العدد والمنافسة بانخفاض سعر الوثيقة بل تصاعدت لتغطية الخسائر، وكذلك نجد المشكلة اكبر بالقطاعات التي تتطلب استثمارات عالية كتكاليف ثابتة مثل شركات قطاع البتروكيماويات التي في حقيقتها تخسر وفق الأسعار العالمية وقد تبرز آثار ذلك بوضوح مع انخفاض أسعار النفط، وأما الاسمنت فزيادة عدد شركاته أثرت على مستوى الإنتاج والتسويق ولم ينخفض السعر مع تكدس الكميات بالمخازن خلال فترة طفرة المشاريع!
فما سيحدث لتلك الاستثمارات في حال انخفض حجم المشاريع مستقبلا؟!
فبناء الاستثمارات ومتطلبات الحماية بالشركات المساهمة الجديدة يختلف عن الشركات الخاصة لكونها مملوكه لشريحة كبيرة من المواطنين والمستثمرين وتمثل استثمارات طويلة الأجل تتولى قطاعات اقتصادية موظفة ومنتجة، وهو مايستلزم من الجهات الراعية لأنشطتها توفير متطلبات فرص المنافسة والدعم لها لتعزيز تواجدها واستمرار منافستها العادلة بالسوق بدلا من استمرار ضخ الشركات الجديدة بالاكتتاب في وقت تخسر استثماراتنا القائمة.
نقلا عن الرياض