أرقام مهولة هذه التي تعلن عنها وزارة العدل بين وقت وآخر حول تصحيح الوضع العقاري بالوطن العزيز.. والمروع في المشهد ان تلاحظ الإعلان عن ملايين الأمتار المربعة "المسروقة عنوة" أو المتلاعب فيها أو تلك التي لا أصل لها ولا يتعدى الأمر "حطة يد" تلك الملايين من الأمتار في وطن يصل متوسط سعر المتر المربع للأرض البيضاء فيه أكثر من ألفي ريال يعد "أمرا مروعا بحق" والأكثر عمقا في "الترويع" أن تكشف الوزارة عن تلاعب أو "تواطؤ" عاملين فيها ممن يمكن أن نعتبرهم القدوة الصالحة في وطننا وقد عثوا في أرضنا إفسادا وفوضى من خلال التلاعب في الصكوك والوثائق الرسمية المتعلقة بها.. وكنت أتعجب كثيرا عندما أسمع عن حكايات تقال من أن عقارا بيع لمشتريين في وقت واحد! حتى ذكر لي أحد الأقارب أنه وجد أرضه في إحدى مدن المملكة وقد تم تشييد بناء عليها قبل عدة سنوات!! الأمر الذي جعل أحد الزملاء يمازحه قائلا "اضرب لك خيمة فيها حتى تضمن عدم المساس بها".
والمخيف أكثر أن تصافح عيناك بين وقت وآخر أخبارا عن مساحات ضخمة أيضا وقد استولى عليها أفراد بينما تتبع تلك العقارات إلى أملاك الدولة بطريقة أو بأخرى.. مما يرسم تساؤلا ضخما بضخامة تلك الأمتار المسروقة أو تلك التي تم الاستيلاء عليها حول جسارة أولئك وعدم خوفهم من الله أولا في أخذ شيء لا يرتبط بهم ومن الجهات الحكومية المعنية بمتابعة ومعاقبة أولئك الأشخاص المتمادين في الإضرار بالوطن والمواطن.. ثم تتساءل عن انعكاس ذلك على الوضع العقاري السعودي ومدى الأثر الإيجابي لجهود وزارة العدل مشكورة في هذا الجانب وهي جهود مميزة بحق من خلال التعامل الإيجابي مع التقنية واستثمارها لخدمة الإنسان بدءا بتنفيذ الوكالات الشرعية التي أصبحث من السهولة بمكان لم يكن متوقعا مطلقا حيث أصبح بالإمكان إعدادها من خلال المستفيد مباشرة ومراجعتها والتأكد من سلامتها ومن ثم الحصول عليها من أقرب كتابة عدل في المدينة التي يسكنها مرورا بالتسجيل العقاري الإلكتروني الذي أراح الجميع سواء المشتري أو البائع من خلال عدم الحاجة إلى تلك السجلات السابقة التي كانت "تقضي" على وقت المراجعين وربما كثر الخطأ فيها والتلاعب.
وبمناسبة الحديث عن ما يمكن تسميته ب"تنظيف شأن الوطن العقاري" وهو ما يتحقق بفضل الله ثم بدعم برنامج خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرافق القضاء فإنّ ما أشارت إليه هذه الصحيفة هذا الأسبوع من قيام لجنة التعديات بإمارة منطقة نجران بإزالة تعديات قام بها مواطنون تصل إلى 85 ألف متر مربع يشير إلى أننا بحاجة إلى مواصلة الجهود في هذا المجال. وفي موقع آخر من الصحيفة نفسها وبنفس التاريخ يشير خبر إلى أن هيئة المهندسين السعوديين قد ضبطت "1600" شهادة مزورة خلال الفترة الماضية لمهندسين يعملون في عدة أماكن جميعهم من الوافدين باستثناء 36 شهادة مزورة لمواطنين ولكم أن تتساءلوا عن مدى الضرر الذي حققه أولئك المتلاعبون بالسوق العقاري الوطني، وفي مواقع أخرى تشير الأخبار إلى جهود مكثفة وواضحة من قبل وزارة التجارة والصناعة باكتشاف ومعاقبة أولئك المتلاعبين في إيهام المستهلكين ب"التخفيضات التجارية".
هذه الأخبار وغيرها من الجهود الوطنية الصادقة الكثير يشير بكثير من الأدلة إلى أهمية تضافر الجهود بكافة القطاعات الحكومية والخيرية والخاصة، يضاف إليها الجهد الفردي للمواطن إلى اجتثاث "السوء" من وطننا والعمل على تنقية مجتمعنا من كل "ميكروبات" السوء ومساندة كافة الجهود الوطنية التي تسعى إلى تحقيق التنمية المجتمعية في كافة شؤونها، ولعل من أسرع وأفضل الطرق لتحقيق تلك التنمية المنشودة التحول إلى المجتمعي الرقمي بشكل كامل مما يجعل من مسألة التلاعب واختلاق الفوضى أمرا شبه مستحيل.. كما أن انعكاسات مثل هذه الجهود يفترض أن تظهر إلى النور ويتضح أثرها على السوق العقاري الذي يعاني من اختلال واضح في مسألة العرض والطلب ومسألة القيمة السوقية المنطقية المبنية على أسس منطقية وحسابات منهجية.. ودمتم.
نقلا عن الرياض
كلام جميل.