مع الهبوط الحاد والسريع لأسعار النفط العالمية، يتبيّن لنا حتى الآن أن أسباب هذا الهبوط تتركز في ضعف الطلب، وارتفاع سعر الدولار، وزيادة المعروض.
ولا شك أن المستثمرين داخل المملكة هم في حالة ذهول وترقب في ظل انهيار أسعار الأصول الاستثمارية (من أسهم وعقارات)، التي تمثل مدخراتهم، والمخاوف من انعكاس ذلك مستقبلاً على الإنفاق الحكومي الذي يُعتبر المحرك الرئيسي للاقتصاد.
ولا شك أنه يدور في أذهانهم تساؤلات كثيرة، وأعتقد أن أهمها: كيف ومتى سينتهي انهيار الأسعار؟
للإجابة عن هذا التساؤل المهم يجب أن ندرك أن الانخفاض الكبير لأسعار النفط قد يسهم في حل مشكلة ضعف الطلب، وخصوصاً من الدول الناشئة أو أوروبا أو اليابان، التي تعاني من مخاطر الانكماش أو تباطؤ النمو، وهذا بدوره قد يسهم في رفع أسعار عملاتها أمام الدولار، إلا أن المشكلة الأبرز تتمثل في وجود «فوائض إنتاج» بعد رفض كبار المنتجين داخل أوبك وخارجها تنسيق الجهود فيما بينهم لخفض الإنتاج، آخذين في الحسبان أن من تسبب في وجود هذه «الفوائض» في الأساس هم كبار المنتجين من خارج أوبك، وتحديداً: روسيا والولايات المتحدة.
بالنسبة لروسيا، فإن رفضها لخفض الإنتاج واستمرار انخفاض الأسعار لما دون 90 دولاراً للبرميل سيعرضها حتماً إلى عجوزات في الموازنة المالية، واتباع سياسات مالية انكماشية.
والأهم أن مواصلة الإنتاج بهذه المستويات ستصل بها لمرحلة النضوب خلال أقل من 20 سنة فقط، بينما لن يكون مجدياً لها اقتصادياً مواصلة الإنتاج دون 50 دولاراً للبرميل.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فسيكون من غير المجدي لها اقتصادياً مواصلة الإنتاج من مكامن النفط الصخري أو استيراد النفط الرملي في حال هبوط الأسعار دون 65 دولاراً للبرميل؛ ما يعني أنه من الصعب جداً لأسعار النفط أن تهبط مستقبلاً دون مستوى 55 - 65 دولاراً للبرميل. بالنسبة للسوق المالية السعودية، وبغض النظر عن مسألة خفض الإنتاج عالمياً، فإننا يجب أن نراقب أولاً استقرار أسعار النفط (المؤثر الرئيسي على مؤشر سوق الأسهم هذه الأيام)، ثم بعد ذلك يجب أن نراقب مستويات الإنفاق الحكومي، ثم مستويات الربحية التي ستحققها الشركات المدرجة بعد هدوء زوبعة تقلب أسعار النفط، وهدوء تأثيراتها على اقتصاد المملكة وأسعار البتروكيماويات، على اعتبار أن الربحية المستقبلية للشركات هي من سيحدد مستويات التقييم العادلة لأسهمها، آخذين في الاعتبار نقطة إيجابية، تتمثل في أن مستويات التقييم العادلة للأسهم حول العالم تقف حالياً عند مكررات ربحية بين 15 و17 مضاعفاً، وهي مستويات مشجعة جداً، قد تتحسن هي الأخرى مستقبلاً.
بقي أن أشير إلى أن استقرار أسعار النفط، ووضوح الرؤية حول الاقتصاد، وربحية الشركات المدرجة، هي مسائل ستحتاج إلى وقت، وهذا لن يتحقق قبل النصف الأول من العام القادم 2015م، وربما أكثر من ذلك، إلا أن الإيجابي أن العائد الاستثماري لبعض الأسهم والعقارات سيكون كفيلاً بجذب رؤوس الأموال التي تبحث عن عائد في ظل ضعف العائد في بقية الأدوات الاستثمارية، واستناداً إلى القاعدة المعروفة «رأس المال جبان».
والله أعلم.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
في النهاية .... نحن من يدفع الثمن ....
من الممكن نظريا التحكم في نقطة البدايه في مسلسل انخفاض اسعار البترول ولكن من الصعب التحكم في السعر المستهدف والفتره الزمنيه لهذا الانخفاض لوجود لاعبين كثيرين ومصالح مختلفه. عندي سؤال بسيط : لماذا على المملكه ان تخسر مايقارب 245 مليون دولار يوميا (89 مليار سنويا) والمطلوبه لنقل المملكه اقتصاديا وما هو الثمن وما هو العائد؟
لقد دخلنا في نفق قد لانخرج منه ونخسر انفسنا والوطن
هذا مقال لرجل فاهم ولكنه متعلق بالسوق . السؤال لماذا تعيد المملكة نفس الخطاء بعد الطفرة بوقت الملك خالد رحمة الله ؟ لماذا مجلس الاقصتاد الاعلى لم يحرك ساكنا في تفعيل تنويع مصادر الدخل وكلنا يعلم مدى اهميتها لتلاشي التباطئ والركود الاقتصادي ؟ تحياتي
طيب الى متى تبقى الأسعار بانخفاض حتى ينفذ البترول بقيمة منخفضة وبعدين ماذا يحدث لموازنات الدول المنتجة للنفط ؟
ياستاذ محمد شرحت تاثير عدم تخفيض الإنتاج على الميزانية الروسية وكذلك تاثير ذلك على لولايات المتحدة، واكتفيت ببيان تاثير ذلك على سوق المال السعودي ولم تتطرق الى تاثير ذلك على الميزانية او الاقتصاد المحلي بشكل عام مما يقلل من أهمية المقال.
يوجد مقال نشر الاسبوع الماضي لهذا الغرض
مع احترامي وتقديري لك أستاذ محمد ، الا ام المستثمرين في السوق السعودي لم تشبعهم الردود،حيث السؤال المحوري، هل سوقنا آمنة من مخاطر تقلبات النفط ، وهل نملك اقتصاد ضامن؟ وهل توجد لدينا شفافية وتوصيات استثمارية كافية، وهل حوكمة الشركات مفعل بشك كافي ؟ لا يمني كمستثمر ، ان تكون هناك معادلة سعرية للبترول تتراوح بين ظ٥٥. و٦٥ حتى يهدأ بالي في ضخ المزيد من المال ، حيث انها كانت من قبل اسابيع معدودة ، تسبح في بحر ١١٥ $ ، ولكن ذلك فجأة وتبخر.