المتابع لاجتماعات قمة العشرين الماضية في أستراليا، يلاحظ القلق والاهتزاز لدى معظم القادة.
فروسيا في وضع لا تحسد عليه؛ بسبب الانخفاضات المتتابعة في أسعار النفط، وزعماء الدول الأوروبية قلقون من دخول منطقتهم في ركود جديد، أما اليابان فتجد نفسها في وضع أسوأ من أوروبا؛ بسبب ركود اقتصادها بالإضافة إلى تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني.
هذا المشهد كان مغايرا على جانبي الأطلسي، فالعالم كله بات يعول على النمو الاقتصادي الأمريكي، والذي أكد وزير خزانتها أنه لن يكون كافيا لانتشال الاقتصاد العالمي.
على الجانب الشرقي للأطلسي، نجد أن الصين تخطو واثقة نحو تبوؤ مكانتها كزعامة اقتصادية وسياسية إلى جانب الولايات المتحدة. فهي على الرغم من تباطؤ نمو اقتصادها منخفضا تحت حاجز الـ 10%، إلا أنها تحاول إعادة رسم العلاقات الإقليمية في محيطها الآسيوي؛ لتدور في فلك اقتصادها.
لقد وعت الصين أن ازدهارها الاقتصادي لن يكون كافيا لتثبيت أركان زعامتها. فبدأت بتحويل منافع اقتصادها ليشمل المنطقة الآسيوية كاملة.
فوضعت أساس البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية برأس مال يصل إلى 100 مليار دولار. ستقوم الصين بالمساهمة بنصف رأس المال في حين تسهم 20 دولة أخرى بالنصف الآخر.
قائمة الدول المساهمة تمتد من الصين شرقا، مرورا بدول جنوب شرق آسيا، لتشمل النمور الآسيوية المزدهرة، بالإضافة إلى شبه القارة الهندية، صاحبة أكبر كثافة سكانية في العالم، ودول آسيا الوسطى الغنية بالموارد الطبيعية، انتهاء بالكويت وقطر اللتين ستكونان نافذتي هذا الصرح الاقتصادي على أسواق الطاقة والشرق الأوسط.
أهداف هذه منظمة التعاون الاقتصادي المتعددة الجنسيات، هو تمويل البنية التحتية لدول المنطقة. وبحسب جغرافية الدول المشاركة، فإن إنشاء شبكة متكاملة من البنى التحتية بين هذه المناطق؛ سيخلق طريقا اقتصادية جديدة، هي طريق الحرير الجديد.
يهدف برنامج الاستثمار في البنى التحتية إلى بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات في جميع أنحاء آسيا الوسطى وجنوب آسيا، الأمر الذي سيعمق ويزيد من حجم المشاركة الاقتصادية بين دول المنطقة.
الصين فهمت أن قيادتها للمنطقة لا يمكن أن تفرض عن طريق العضلات الاقتصادية أو العسكرية، إنما عن طريق القوة الناعمة للمشاركة وإنشاء شبكة من المصالح الموحدة الأهداف.
ولكن الحاجة إلى القوة العسكرية ستبقى دائما محورا مركزيا لإنجاح طريق الحرير الجديد.
فالازدهار الاقتصادي لا يأتي إلا عن طريق حماية وسائل الإنتاج وبيئة الأعمال وإبقائها في حالة آمنة مستقرة.
إنها قوة حميدة تمد يد العون لانتشال مناطق ذات معوقات اقتصادية جمة مثل وسط وجنوب آسيا من الفقر.
فهل تنجح الصين في خلق نهضة وحدوية آسيوية قادرة على منافسة المصالح الأمريكية؟ هكذا سيرسم طريق الحرير الجديد مستقبل زعامة الصين الاقتصادية.
نقلا عن اليوم