أعلن مؤخرًا وزير التجارة والصناعة معالي الدكتور توفيق الربيعة عن مقترح فصل الصناعة عن التجارة، وأنه مطروح على مجلس الوزراء، وفي رأيي المتواضع يأتي هذا الفصل ضمن خطط التنظيم والهيكلة الإدارية وتوزيع المهام ضمن إستراتيجيات تطوير التجارة وتطوير الصناعة في المملكة العربية السعودية.
هذا القرار سليم وسيسهم في مواجهة التحديات والمتغيرات، وأيضًا سيهدف إلى التطوير في مواجهة أكبر التحديات التي تواجه المملكة، منها تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط بشكل شبه كلي، والآخر البطالة وضعف الوظائف الحالية والثالث مخرجات التجارة والصناعة كل على حده.
تعمل المنظمات في الدول وحتى في الشركات على هيكلة محددة ومن ثم يأتي بعدها توسع وتغييرات فتلجأ إلى تكوين لجان وهيئات ومدن ومراكز وما إلى غيره لتوزيع المهام والتركيز على الجدولة والأجندات والمتابعة وتحديد المسؤوليات خصوصًا عندما يكون أكثر من قطاع أو وزارة مشاركين في تلك المنظومات.
ولكن بعد فترة من الزمن يكون التوسع أكثر من اللازم ويتحول التركيز إلى تشتيت، ولذلك تلجأ تلك الوزارات أو الأعمال إلى إعادة هيكلة تنظيمية ومنها دمج أو فصل وزارات.
فبنظرة سريعة للأعمال المتعلقة بوزارة التجارة والصناعة خارج الوزارة، مباشرة وغير مباشرة، أعمال الهيئة العامة للاستثمار، هيئة المدن الاقتصادية، هيئة المدن الصناعية، صندوق التنمية الصناعي، مصلحة الجمارك، جمعية حماية المستهلك، الهيئة السعودية للمهندسين، والغرف التجارية الصناعية، وبقية المجالس واللجان، وقد أن الأوان لإعادة هيكلة تنظيمية للوزارة وتقسيمها إلى وزارة للتجارة ووزارة للصناعة وإعادة تنظيم بقية الهيئات والجمعيات التابعة والدمج في سبيل تحقيق أهداف ضمن إستراتيجيات محدده وواضحة.
يبدو للكثير أن الجانب التجاري من وزارة التجارة والصناعة أحدث نقلة نوعية في السنوات القليلة الماضية، كما يبدو أنه يسير بخطى لتحقيق الأهداف المرجوة وربما يحتاج مزيدًا من الوقت والدعم لتحقيق نجاحات أكثر فهو يواجه إرثًا ثقيلاً وتحديات كبيرة من غش تجاري وتستر واحتكار، فمزيد من التفرغ ومزيد من الوقت كفيل بالمضي قدمًا في المواصلة في الطريق الصحيح.
ولكن الجانب الصناعي، فهو يعاني الكثير وهو إرث أثقل من التجارة، ولكن التركيز على تطويره سيكون ذا قيمة مضافة للمملكة أكبر من بقية القطاعات.
فمفهوم الصناعة ليس مصانع إسمنت أو مصانع طابوق أو حتى ألبان أو مناجر، بل الصناعة التي تمثل الدولة مثل الصناعات البتروكيماوية ولكنها مع الأسف لم تستهدف إلى تنويع الدخل بعيدًا عن الاعتماد على النفط، ولم تسهم في حل مشكلة البطالة حيث إن من بعمل بها (سعوديين وغير سعوديين) أقل من 50 ألف شخص وهذا يمثل 2 بالمئة من عدد العاملين المواطنين وأقل من 1 بالمئة بل أقل من نصف بالمئة من عدد العاملين بالمملكة سعوديين وأجانب، مع أن البتروكيماويات تحظى بتحفيز من الدولة خصوصًا من دعم اللقيم والكهرباء.
الصناعات الحقيقية أو التصنيع الحقيقي التي تطمح إليها المملكة التي من خلالها تستطيع منافسة الدول المتقدمة هي الصناعات المتقدمة المتوسطة والعملاقة، الصناعات بكميات كبيرة، الصناعات التقنية والتكنولوجية، صناعات السيارات والطائرات والناقلات البحرية والقطارات، صناعات المعدات الكهربائية والميكانيكية والأجهزة الكهربائية التجارية والمنزلية، صناعات أجهزة ومعدات الاتصالات، والصناعات الطبية.
الصناعات التي تطمح بها المملكة التي ستسهم في عدم الاعتماد على النفط وستسهم في خلق الفرص الوظيفية المجدية هي ما يدعم موقف المملكة في (1) النمو العكسي في كمية الواردات، (2) النمو الإيجابي في مستوى الصادرات، (3) توطين صناعة الأجزاء الدقيقة والحساسة في كل منتج، (4) والمساهمة في نوعية مستوى الوظائف في القطاع الصناعي. المقياس الحقيقي للصناعات هي مستوى الأجور، فيعمل حاليًا في المملكة مليون عامل وموظف في القطاع الصناعي و15 بالمئة منهم سعوديين ومتوسط الأجور 2600 ريال شهريًا، أي 3.31 دولار بالساعة.
وبمقارنة أجور العمالة في القطاع الصناعي يتضح أننا نقبع في مؤخرة القائمة بين الدول التي يغلب على سكانها الحياة البسيطة، فمثلاً أجور العاملين في القطاع الصناعي بالمملكة 3.31 دولار بالساعة وفي الفلبين 2.1 دولار بالساعة والهند 1.6 دولار بالساعة والصين 1.9 دولار بالساعة، أما الدول الأخرى مثل المكسيك وتايوان والبرازيل فالأجور في قطاع الصناعة من 6.28 إلى 11 دولار بالساعة، وفي كوريا وسنغافورة واليونان من 17 إلى 23 دولارًا بالساعة، إسبانيا وبريطانيا 26 إلى 29 دولارًا بالساعة، الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وأستراليا وهولندا من 34 إلى 40 دولارًا بالساعة، ألمانيا والسويد والدنما رك من 44 إلى 46 دولارا، أخيرًا بلجيكا وسويسرا والنرويج من 51 إلى 57 دولارًا بالساعة.
هذه الدول تعمل في صناعات متقدمة لكي ترفع المستوى الصناعي في بلدانها، فهذا يعطيها مميزات تنافسية بين الدول المتقدمة، ويرفع مستوى التعليم ومراكز البحوث في بلدانها، وفي نفس الوقت، توفر وظائف مجدية لمواطنيها.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
أستاذ برجس المحترم.. كنت في السابق أطالب (إستحداث وزراة للصناعة)، ولكن الان بعد مدة من البحث والدراسات ضد هذا التوجه وبقوة، وذلك يزيد من الترهل الحكومي والبيروقراطية لدينا والطبقة الارستقراطية والمحسوبية.. وكما أن زيادة الوزارات ليست علاج بل تساهم نشر مزيد من الأمراض المستعصية في الدولة، الدول الناجحة في وضع الإستراتيجيات وتنفيذها وعلاج المشاكل هي الدول التي لا تمتلك عدد كبير من الوزارات.. والدول الفاشلة في وضع الإستراتيجيات وتنفيذها وعلاج المشاكل هي الدول التي تشتهر بعدد مبالغ من الوزارات.. كثرة الوزارات وتوسع حجم القطاع العام يدل على عدم ترشيد الإنفاق وغياب الإستراتيجيات الصحيحة والشاملة لدى صناع القرارفي تلك الدولة وضعف شديد في مخرجات خزانات الفكر لديها.. وفي فيما قبل الأخير ليس من مصلحة الحكومة "زيادة عدد الوزرات قط"، ولا على الخزنة العامة ولاتصب في مصلحة المواطن وإنشاء دولة الرفاه. (رئيس مجلس الوزراء) سوف يواجة مشاكل جمة وأكثر عبئ ومسؤولية عندما تزداد الوزارات والوزراء سواء في الإختيار والتعيين وإستقطاب الكفاءات البشرية، أوالرقابة وتطبيق الإستراتيجيات.. إلخ والأخطر على دولة مثل الدولة السعودية ذات النظام الملكي - حفظها الله بقيادة آل سعود - تزداد إحتمالية فشي الإسرار وإزدياد المعارضة والأعداء للنظام الملكي وإستقرار الدولة من قبل الوزراء وعوائلهم، وذلك بسبب الحجم الهائل من الوزارات.. وكما أيضا زيادة الوزراء معناه زيادة حجم الغضب الشعبي على الحكومة والطبقات الارستقراطية.. وخلاصة القول أعكف على إعداد مقالتين أعمل عليها من شهور، و قادمة بإذن الله في نشرها تطالب بتقليص عدد الوزرات في المملكة وتقديم حلول أخرى وتنظيم أكثر. تحياتي لك
بشرط ان يتولاها مسئول لم تجاوز الخمسين والا ستصبح جهاز بيروقراطي
تكمله: يهتم بالشكليات دون المضمون
وزير مع إنشاء وزارة جديد تكلف مبالغ ضخمة سنويا على المالية العامة دون عائد يذكر بالمقابل تستطيع الدولة الإكتفاء بها من خلال وزارة موجودة عبر مزيد من التنظيم والمسائلة والرقابة وتعظيم أداة الادهوقراطية والخصخصة.. وكهذا حل يوفر للدولة مبالغ كبيرة تستطيع تحويلها للإنفاق العام على البنية التحتية والرعاية الإجتماعية لإنشاء دولة الرفاه..