ما فائدتنا من مجموعة الـ20؟

23/11/2014 0
د. عبدالله بن ربيعان

شاركت السعودية هذا الأسبوع في قمة الـ20 بوفد رسمي كبير، يترأسه ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ما يعني أهمية القمة للرياض، ويعني مكانة المملكة وأهميتها للقمة.

وفي كل قمة مثل هذه، تدور الأسئلة عادة  في أوساط المثقفين وفيهم اقتصاديون، مثل: لماذا نحن في مجموعة الـ20؟ وما فائدتنا؟ وهل تم اختيارنا للمجموعة لندفع لإنقاذ العالم من أزمته؟ وهي أسئلة جيدة ومنطقية، ويجب مناقشتها بوضوح وشفافية.

وإجابة السؤال الثالث، هي نعم، تم اختيارنا ضمن المجموعة لندفع، ولو كنا دولة فقيرة لما تم اختيارنا، ودفعنا الكثير بالفعل، بدءاً بالمساهمة في رفع رأسمال صندوق النقد بعد الأزمة في قمة 2009، وليس انتهاء بتعهدنا بدفع 4 ملايين دولار لمركز «البنية التحتية» الذي اقترحته أستراليا في القمة الأخيرة.

 ولكن هل نحن من يدفع فقط؟ الإجابة لا، فكل دولة ضمن المجموعة عليها التزام وتعهد، وتدفع مثل ما ندفع وأكثر، وللمثال، تبرعت أستراليا للمركز الذي اقترحته بـ15 مليون دولار، وتبرعت بريطانيا بـ4 ملايين جنيه إسترليني، ودفع غيرهما.

إذن أن تدفع، فهذا جزء من التزامك حينما تكون ضمن مجموعة أو تكتل أو صندوق أو غيره. ونحن ندفع التزاماتنا للـ20، وندفع لصندوق النقد الذي نملك فيه حصة تصويتية جيدة، وندفع لعضوية البنك الدولي منذ أن أنشأ مكتب المملكة فيه جبارة الصريصري إبان وزارة محمد أباالخيل، وغيرها.

ننتقل إلى السؤال الثاني، وهو ما فائدتنا من مجموعة الـ20؟ والإجابة أننا لم نستفد شيئاً، والسبب أن اقتصادنا لم يمر بأزمة ولم يتأثر بما حدث في 2008. بل على العكس، فاقتصادنا كان يحقق أعلى معدلات نموه خلال الأزمة، وللتذكير فإن أكبر فائض حققته موازنة المملكة في تاريخها كان في 2008!

كذلك نحن لم نستفد من الصندوق الدولي، ولم يتدخل جراحوه في عملتنا، لأنها مستقرة، وكل فائدتنا أن الصندوق يقرأ أرقام اقتصادنا ويعطينا بعض التوصيات غير الملزمة. وأما البنك الدولي فهو مخصص لدعم الدول الفقيرة، والسعودية بما لديها من أموال تدعم ولا تحتاج إلى دعم من أحد.

نعود إلى السؤال الأول، وهو لماذا نحن في مجموعة الـ20، وإجابة السؤال تتبين من عكسه، أي ماذا لو لم نكن هناك؟ بالتأكيد، سيقرر العالم لنا ونحن ننفذ ونلتزم ونسمع ونطيع. ولكن لأننا هناك، ولأن القرار في الـ20 أو في الصندوق أو البنك أو منظمة التجارة يعتمد على التشاور والتصويت وحشد التأييد للموقف، فنحن نمنع القرار الذي يضر باقتصادنا، ونحشد الأصوات لدعم القرار الذي يهمنا صدوره.

كما أن المملكة وبصفتها البلد العربي الوحيد في المجموعة، والبلد العربي الوحيد الممثل في مجلس إدارة صندوق النقد، فهي تدعم ما ينفع الأشقاء العرب وتعارض ما يضر بهم، وتدافع عن مصالحهم، وتقف ضد ما قد يلحق الضرر باقتصاداتهم.

وخلاصة الجواب أن وجودنا ضروري، فأن تشارك وتصنع القرار، وتوجهه لخدمة مصالحك ومصالح الأشقاء العرب أفضل من أن تتلقى القرار وتلتزم بتنفيذه، وربما كان بعكس مصلحتك.

بعد هذه المقدمة البسيطة، يأتي السؤال المهم، وهو: هل كل شيء في أوضاعنا جيد في المنظمات والهيئات والصناديق الدولية؟ الإجابة هي: بالطبع لا. والملاحظات الآتية هي الأبرز:

أولاً: هناك فجوة كبيرة بين ما تقوم به الجهات الحكومية والرأي الشعبي، والأخير لم يلمس شيئاً إيجابياً في الداخل، يقال إنه نتيجة انضمامنا إلى الـ20 أو غيرها. وهناك قصور رسمي من الجهات المسؤولة في تقويم التجربة كل فترة، وتبيان المكتسبات جراء وجودنا في هذه الحشود.

ثانياً: هناك مسافة فاصلة بين ما تقوم به جهات الحكومة وقطاع «البزنس»، فالجهات الحكومية تفاوض وتتعاقد وتوقع من دون إشراك أو معرفة حاجات ومتطلبات قطاع الأعمال، الذي هو المعني أصلاً بالانتفاع بهذه الاتفاقات والقرارات، وكثير من رجال «البزنس» يقرؤون هذه الاتفاقات مثل غيرهم في وسائل الإعلام من دون أن يعرفوا كيف تنعكس بالفائدة عليهم، وهذا يعود إلى غياب التنسيق والتعاون، وضعف تمثيل الغرف التجارية وتجمعات الأعمال في المفاوضات والاتفاقات الاقتصادية التي هم المعنيون بها، ولكنهم لا يستشارون ولا يؤخذ لهم رأي.

ثالثاً: على رغم عدم حاجة اقتصادنا إلى المساعدة المالية أو التدخل الجراحي، فهذا لا يعني ألّا نستفيد من عضويتنا في المنظمات بالشكل الأمثل، فقمة الـ20 نجم عنها قمة الشباب Y20، وقمة البزنس B20، وقمة المجتمع المدني C20، وقمة العمل L20، وغيرها، وهي فرص ذهبية لدعم قطاعات اقتصادنا وشبابنا ومجتمعنا، ولكننا لم نستفد منها شيئاً يذكر.

رابعاً: وهو مرتبط بالثالث، كم من شبابنا تدربوا في الصندوق الدولي أو البنك؟ وكم قدمت منظمة التجارة لنا من الدورات والتدريب المهم لتجارتنا وشبابنا؟ النتيجة ليست جيدة أبداً. ولو حصرنا الأعداد والأسماء، لوجدناها قليلة وضعيفة ومحصورة في جهة أو جهتين فقط.

خامساً: وهو عن كفاءة وحنكة وجلد ممثلينا في الصناديق والهيئات والمنظمات الدولية، فالقرارات في هذه الجهات تعتمد على التواصل والإقناع والفزعة والزيارة والمهارة وحشد الأصوات، فهل يتم اختيار الكفاءات المناسبة وتأهيلهم بهذه المهارات؟ الإجابة لا، فما يقوم به كثير من مندوبينا هو عمل روتيني لا يفعّل وجودنا في هذه المنظمات العالمية، ولا ينعكس على مصالح بلدنا. وهذه نقطة حاسمة، فيجب اختيار الكفاءات المناسبة لتتحقق المصالح المنشودة.

سادساً: يلاحظ سيطرة وزارة المالية فقط على مكتبنا في الصندوق وفي البنك وبقمة الـ20، والأخيرة تتعلق بالنمو والتنمية، والتجارة، ومكافحة الفساد، وغيرها من المواضيع التي هي من صميم عمل جهات أخرى. ولكنها غابت أو غيبت بسبب سيطرة «المالية». ومن غير المفيد أن تتولى جهة واحدة كل شيء، ويبقى الآخرون متفرجين، على رغم أن ما يناقش هو صميم عملهم.

وكان غياب وزارة الاقتصاد والتخطيط من قمة الـ20 الأخيرة موضع تساؤل أكثر من مختص، ولاسيما أن جل مواضيع القمة هو تخصصها وصلب عملها المفترض.

سابعاً: يلاحظ شبه غياب تام للرياض (المكان) من خريطة اللقاءات والاجتماعات على كل المستويات صغيرها وكبيرها، وهو شيء ليس جيداً لنا، فعقد اللقاءات في الرياض ومنافسة العواصم الأخرى على استضافة اللقاءات والاجتماعات لهذه المنظمات خير تعريف ببلدنا وسياحتنا وثقافتنا، وفرصة لشبابنا لحضور المؤتمرات واللقاءات والاستفادة من الاحتكاك بالآخرين والتعلم من خبراتهم وتجاربهم.

ختاماً، وجودنا في المنظمات والهيئات والاجتماعات الدولية اعتراف صريح وضمني بمكانة اقتصادنا، وأهمية بلدنا، وإن خدمتنا الظروف ولم نحتج إلى تدخل أو مساعدة من أحد، فإن هذا لا يعني أن هناك فرصاً كثيـــرة يمكننا الاستفادة منها في تعليم وتدريــــب شبابنا، والاستفادة من مقارعة الخبرات والعقــــليات التي تحضر هذه اللقاءات، ومن ثم تقويم المكاسب بعد كل لقاء أو مؤتمر، وتحسين الحضور والاستفادة في الذي يليه، فنحن ندفع ونسهم، ولنا الحق في أن نستفيد ونتعلم ونعظم مكاسبنا بالحد الأقصى.

نقلا عن الحياة