ارتفاع سعر صرف الدولار بالنسبة للمملكة سلاح ذو حدين فهو من الجهة الأولى يخفّض سعر برميل البترول الذي تصدره المملكة للخارج وبالتالي تنخفض ايرادات بيع البترول.
ولكنه من الجهة الثانية يخفّض سعر البضائع التي تستوردها المملكة من الدول التي انخفضت عملاتها بالنسبة للدولار وبالتالي المفروض أن تنخفض أسعار السلع المستوردة من هذه الدول.
حتى أكون صريحا منذ البداية يجب أن أنبّه ان الخسارة من انخفاض سعر برميل البترول أكبر كثيرا كثيرا من أن تعوّضها المكاسب القليلة من انخفاض أسعار السلع المستوردة.
من الناحية النظرية والعملية أيضا فإن ارتفاع سعر صرف الدولار (مع ثبات العوامل الأخرى) يؤدي الى انخفاض الطلب على البترول وبالتالي انخفاض سعر البترول بالدولار فقط، أما سعر البترول بعملات الدول المستوردة للبترول فسيرتفع تماما بمقدار نسبة ارتفاع سعر الدولار بالنسبة لعملاتها وهذا بالتأكيد سيؤدي بدوره الى انخفاض الطلب على البترول في الأسواق العالمية تماما كما يؤثر ارتفاع سعر الطماطم على انخفاض الطلب على الطماطم في الأسواق المحلية.
هكذا واضح إذن أن ايرادات الدول المصدرة للبترول ستنخفض ايرادتها من ناحيتين: اولا من انخفاض سعر البرميل بالدولار وثانيا من انخفاض الكمية المطلوبة من بترولها.
ولكن هل باستطاعة الدول المصدرة للبترول تعويض خسائرها من انخفاض إيراداتها بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار عن طريق زيادة مشترياتها من الدول التي انخفضت عملاتها؟ من الناحية النظرية نعم ولكن من الناحية العملية قد يكون التعويض بسيطا جدا لا يكاد يذكر بالنسبة لمقدار الخسارة.
لحصر الموضوع وتبسيطه للقارئ سنطبّق بمثال يصف تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار على إيرادات المملكة من تصديرها البترول لليابان.
يلاحظ انه عندما تشتري اليابان البترول من المملكة ستدفع للمملكة دولارات (لأن البترول يباع بالدولار) لذا ستقوم اليابان بشراء الدولار اولا فإذا كان سعر صرف الدولار بالنسبة للين هو 85.5 ينا وسعر برميل البترول 110.5 دولارات فانها ستدفع 9447.75 ينا للبرميل بينما لو ارتفع سعر صرف الدولار الى 113.5 ينا فان اليابان ستدفع 12541.75 ينا للبرميل أي بزيادة قدرها 3044 ينا في البرميل الواحد ولذا وفقا لقانون الطلب (الذي جميعنا نعرفه حتى غير الاقتصاديين) سينخفض طلب اليابان على البترول عند ارتفاع سعر صرف الدولار لأنها ستدفع عددا أكبر من الينات.
لقد رأينا كيف ان ارتفاع سعر صرف الدولار مؤخرا أدى بالفعل الى انخفاض سعر برميل البترول من حوالي 110 دولارات الى حوالي 85 دولارا ومعنى هذا ان المملكة ستحصل على 85 دولارا فقط وليس 110 دولارات للبرميل فكيف يؤثّر هذا على أسعار السلع التي تستوردها المملكة من اليابان؟
بالتأكيد ستنخفض أسعار السلع المستوردة من اليابان بمقدار نسبة انخفاض الين عن الدولار فالسيارة التي كان سعرها في اليابان 1.5 مليون ين مثلا كان يشتريها السعودي بمبلغ 17.65 ألف دولار (66.2 الف ريال) عندما كان سعر الصرف 85 ينا ولكن بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الى 113 ينا اصبح يشتريها ب 13.27 آلاف دولار (49.8 ألف ريال) فقط أي سيوفر 16.4 الف ريال.
الخلاصة من الناحية النظرية يمكن تعويض انخفاض الإيرادات الناتجة من انخفاض سعر البترول نتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار ولكن من الناحية العملية سيكون التعويض محدودا يعتمد على حجم السلع المستوردة من الدولة التي انخفضت عملتها بالنسبة للدولار.
نقلا عن الرياض
لكن لا تنسى أن تغفل قانون مرونة الطلب بالنسبة للسعر (Price Elasticity of Demand). فلا توجد بدائل مماثلة للنفط لاستخدامه كوقود مثل البنزين والديزل والكيروسين وغيرها من المشتقات النفطية. وعليه، فالمستهلك مضطر لشراء النفط حتى عند ارتفاع سعر الصرف مقابل الدولار. بمعنى آخر، أن نسبة الانخفاض في الطلب على النفط جراء ارتفاع سعر صرف الدولار ستكون أقل من نسبة الزيادة في سعر الصرف.
كذلك بالنسبة للمواطن ارتفاع الدولار أهم من انخفاض إيرادات الحكومة!!
نظريا المفترض ان تنخفض أسعار السلع من الدول التي انخفضت عملاتها امام الدولار ... لكن عمليا تعودنا ان هذا لا يحدث ... الأسعار لدينا اما ترتفع او تثبت الى حين.... ثم تعاود الارتفاع مع الأسف !! .... تجارنا الاشاوس لا يعرفون الا كلمة رفع اما كلمة خفض فهي غير وارده في قاموسهم التجاري بتاتا !!
صحيح ان أسعار النفط انخفضت ولكن علينا أن نعلم أن المملكة ممثلة بشركة ارامكو قامت بإنشاء عدة مصافي للتكرير تنتج حوالي 3 ملايين برميل بعد افتتاح مصفاتي ساتورب وياسرف مع ساسرف وراس تنورة ومصفاة جيزان وبترورابغ وصدارة وسنصل الى 8 ملايين برميل مكرر بعد 10 سنوات من الآن ومن المعروف أن برميل النفط المكرر أغلى من الخام ما يصل إلى الضعف واكثر أيضا