قدر «سابك» أن تكون في مواجهة دائمة مع منافسيها؛ الذين لا يترددون في نقل المنافسة من قنواتها الشريفة المعتمدة على نوعية المنتج وجودته؛ إلى قنوات مظلمة من الحمائية الجائرة المُخلة بقوانين التجارة العالمية وأسس المنافسة العادلة.
نجاح سابك، وسيطرتها على بعض الأسواق العالمية أثار ضدها ضغينة المنافسين. رفعت عليها قضايا إغراق متنوعة؛ نجحت في تجاوزها لسلامة موقفها؛ ولكفاءة فريق العمل المتخصص الذي قاده بنجاح سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان؛ مساعد وزير البترول والثروة المعدنية.
وبعد أن كانت «سابك» مستوردة لتقنيات الإنتاج؛ أصبحت تبتكر تقنياتها المعقدة؛ وتُنشيء مصانعها الخاصة بإستقلالية تامة عن شركائها العالميين.
خلق التقنية جانب مضيء من جوانب النجاح الذي حققته إستراتيجية الحكومة في إنشاء قطاع الصناعات البتروكيماوية؛ قبل أن تتشرف الشركة بتحقيقه. يؤكد المهندس محمد الماضي؛ الرئيس التنفيذي لشركة سابك؛ أن الشركة بصدد إنشاء مصنع بتروكيماويات متكامل يعتمد في جميع عملياته الإنتاجية على التقنيات المبتكرة والمطورة من قبل «سابك».
الحديث عن التطوير والإبتكار في صناعة البتروكيماويات يقودنا إلى الجانب الأهم في الصناعة؛ والمرتبط بالقوى البشرية المتخصصة.
إستراتيجية الحكومة الداعمة لقطاع البتروكيماويات أسهمت في إرساء قاعدة الصناعة التي أسست لثقافة الإنتاج؛ والاستثمار الصناعي؛ وخلقت قوى بشرية مرتبطة بشكل مباشر بالصناعة وعملياتها المعقدة؛ وهو الجانب غير المنظور من قياس ربحية القطاع وأثره على الإقتصاد والتنمية بشكل عام.
خلق جيل صناعي وثقافة إنتاجية متقدمة يمكن أن يحدث التغيير الأمثل في الإقتصاد.
سابك كانت القائد والمحفز لظهور قطاع البتروكيماويات؛ وتوسعه بشكل لم يتوقعه أكثر المتفائلين. تختلف معايير قياس الربحية الحكومية عن المعايير المطبقة في القطاع الخاص. تنظر الحكومة للأرباح المباشرة وغير المباشرة من استثماراتها التنموية؛ ما يدفعها لتبني سياسات التحفيز والدعم للوصول إلى هدفها الأسمى.
توازن الحكومة بين احتياجاتها التنموية وحجم المحفزات المقدمة؛ وتسعى للمواءمة بين استغلال الثروات وتحقيق أهداف التنمية الصناعية، والاقتصادية بشكل عام، ما يجعلها أكثر شمولية في نظرتها تجاه قطاعات الإنتاج.
أعتقد أن استثمار الغاز في دعم الصناعة خير من بيعه وتكديس ثرواته في حسابات خارجية تسهم في تنمية الدول الحاضنة لها؛ ولا تقدم للحكومة إلا فتات الفوائد؛ عوضا عن المخاطر المحدقة بها. أحسب أن تثبيت سعر الغاز هو جزء أصيل من إستراتيجية الصناعة في المملكة.
ولولا رخص الغاز لما نجحت الحكومة في استقطاب الشركات العالمية التي كانت سببا؛ بعد الله؛ في إنشاء قطاع البتروكيماويات وتحويل الغاز المحروق إلى ثروات ومنتجات ذات قيمة مضافة للاقتصاد.
نجحت سياسة الدعم الحكومية في جذب استثمارات بلغت تريليون ريال سعودي في الجبيل وينبع؛ ونجحت في إحداث تنمية غير مسبوقة في الجبيل الصناعية التي يمكن أن تكون إحدى ثمرات الأرباح غير المباشرة لقطاع البتروكيماويات.
ثبات أسعار الغاز ورخصه قاد إلى خلق قطاع صناعي متكامل، والإسهام في الابتكارات التقنية؛ وخلق جيل من الشباب المستنير الذي يشكل قاعدة التنمية البشرية المستدامة.
أزعم أن منفعة بيع الغاز المدعوم للقطاع الصناعي يفوق بكثير منفعة بيعه في الأسواق العالمية؛ فهامش الربح الفاقد في نظر المنتقدين ما هو إلى تعظيم لربحية التنمية؛ وبناء للإقتصاد؛ وتطوير للكفاءات البشرية؛ وتنويعا للإنتاج.
نقلا عن الجزيرة
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع