ضعف المنشآت الصغيرة في السعودية

26/10/2014 2
د. عبدالله بن ربيعان

أعلن في السعودية الأسبوع الماضي عزم صندوق الاستثمارات العامة، وهو الذراع المالية للحكومة، إنشاء صندوق صناعي بقيمة بليون ريال مخصص لدعم أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في المجالات الصناعية، وهذا الصندوق بعد إطلاقه يعني وصول الدعم إلى 20 بليون ريال، بحسب حديث الأمين العام لصندوق الاستثمارات العامة عبدالرحمن المفضي لصحيفة «الشرق الأوسط» التي نقلت الخبر هذا الأسبوع.

في السعودية عموماً، هناك نشاط ملاحظ في المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال الدعم الذي تقدمه مجموعة من الصناديق التنموية، إلا أنه مقارنة بالدول الأخرى، ما زال عدد هذه المشاريع صغيراً، وتأثيره في الناتج المحلي ليس جيداً.

كما أن تعريف وتقسيم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ليس منضبطاً في السعودية، فليس هناك تعريف موحد ومتفق عليه، فلمجلس الغرف التجارية تعريف يختلف عما يراه صندوق التنمية الصناعية الذي يختلف بدوره عن تعريف بنك التسليف والادخار.

وللمقارنة أصدرت منظمة دول التعاون الاقتصادي والتنمية المعروفة اختصاراً بـOECD، هذا الشهر تقريرها السنوي عن حجم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وحجم تمويلها في الدول الـ34 التي تضمها المنظمة.

وتقسم معظم الدول التي تضمنها التقرير المشاريع إلى أنواع، أولها: المشاريع المتناهية الصغر Micro SMEs، وهي التي يبلغ عدد عمالتها من 1 إلى 5 عمال (من 1 إلى 9 في غالبية الدول)، ومشاريع صغيرة Small SMEs، وهي التي يبلغ عدد عمالتها من 10 إلى 49، ثم المشاريع المتوسطة Medium SME’s، بعدد عمالة من 50 إلى 249، ثم المشاريع الكبيرة Large، وهي التي يزيد عدد عمالتها على 250 عاملاً، ولأن المساحة لن تسمح باستعراض جميع الدول الـ34، فستقتصر المقارنة على بعض الدول كالآتي:

في فنلندا مثلاً، تشكل مشاريع SME’s ما نسبته 99.7 في المئة من إجمالي عدد الشركات في البلد، وتمثل المشاريع متناهية الصغر التي توظف من 1 إلى 9 عمال بحسب تصنيف الدولة ما نسبته 92.1 في المئة من إجمالي عدد المشاريع.

وفي تركيا، شكلت SMEs نسبة 99.9 في المئة، وشكلت متناهية الصغر (من 1 إلى 9 بحسب تصنيف الدولة) نسبة بلغت 98.5 في المئة من إجمالي المشاريع في البلد.

وفي فرنسا، تمثل مشاريع SMEs ما نسبته 99.8 في المئة من عدد المشاريع الإجمالي، في حين تمثل متناهية الصغر (من 1 إلى 9 عمال) نسبة بلغت 94.2 في المئة من إجمالي المشاريع.

في كوريا الجنوبية، سجلت المشاريع الصغيرة SMEs ما نسبته 99.9 في المئة من الإجمالي، وشكلت نسبة المشاريع متناهية الصغر 96.4 في المئة من إجمالي عدد المشاريع.

والحقيقة أن معظم دول المنظمة تراوح حول هذه النسب، ولم تشذ إلا أرلندا والسويد، إذ تشكل المشاريع الكبيرة نسباً كبيرة بلغت 31 و35 في المئة للبلدين على التوالي.

عودة للرياض، فالمقارنة (على رغم صعوبة الحصول على أرقام دقيقة) ليست لمصلحة السعودية، إلا أن عرضاً قدمته وزارة العمل يقول إن نسبة توظيف المشاريع الصغيرة والمتوسطة في السعودية لا يزيد على 51 في المئة من إجمالي القوى العاملة في البلد، وهي نسبة قليلة مقارنة بمعدل توظيف هذه المنشآت للعمالة والبالغ 69 في المئة في البلدان المتقدمة، و60 في المئة في البلدان الناشئة، وقليلة مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 64.5 في المئة.

والأسوأ نسبة توظيف السعوديين في هذه المشاريع الذي لا يزيد على 9 في المئة من إجمالي عدد العاملين فيها، (11 في المئة في بعض الإحصاءات).

وبحسب تقرير مركز المنشآت الصغيرة والمتوسطة بمجلس الغرف السعودية ارتفع عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة أخيراً، إلا أن 71 في المئة فقط من هذه المنشآت عاملة، و29 في المئة منها مغلقة بســـبب مشكلات مالية وتمويلية.

ختاماً، في ظل تشوه سوق العمل السعودية، وفي ظل ارتفاع نسبة البطالة فيها، وفي ظل ضعف إسهام المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الناتج والتوظيف مقارنة بالعالمين المتقدم والنامي، فإن إعادة النظر في شروط التمويل وزيادته، وتيسير متطلبات عمل هذه المشاريع أصبح لازماً وحاسماً، وحتى مع تخصيص صندوق هنا وآخر هناك، فما زالت الحاجة للمزيد قائمة، وما زال المزيد من هذه المشاريع مطلوباً، فهي تحقق هدفي الاقتصاد السعودي معاً، الإسهام في تنويع الناتج وتوظيف المواطن، وهما الأمران المهمان لمستقبل البلد وشبابه.

نقلا عن الحياة