الوقت يمضي سريعا يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر ونرجو ألا يطول الزمان فيأتي يوم نقول فيه سنة بعد سنة ونحن نعد الأيام والليالي ننتظر على أحر من الجمر سماع خبر صغير يشنّف آذاننا تبثه علينا مذيعة قناة الإخبارية عن (واس) عن إحدى الجهات الثلاث (صندوق الاستثمارات، أو أرامكو، أو سابك) يبشرنا بأن شركة الاستثمارات الصناعية تعلن عن نزول باكورة منتجاتها للسوق المحلية.
ثم نشاهد المتحدث الإعلامي للشركة على الشاشة يقول: إن الاجراءات تجري الآن على قدم وساق لتصدير الفائض على متن سفينتين إحداهما ستتجه شرقاً الى الدول الآسيوية والأخرى ستتجه غرباً الى الأمريكتين تحملان أول شحنات منتجات شركة الاستثمارات الصناعية السعودية.
وعندما تسأله المذيعة وماذا عن أوروبا؟ يجيبها المسؤول بامتعاض قائلا: لا تزال المفاوضات جارية مع الاتحاد الأوروبي الذي يزعم ان الشركة تمارس الإغراق لأسواقه بينما تبين لنا ان الحقيقة انهم يخشون منافسة المنتجات السعودية لتفوقها في الجودة على الصناعات الأوروبية.
نعم نحن الآن بأشد الحاجة الماسة الى أن نسمع مثل هذه الأخبار السارة عن شركة الاستثمارات الصناعية وما يتلوها من شركات صناعية عملاقة فتطمئن نفوسنا بأننا فعلا نسير في طريق تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على البترول كمصدر وحيد غير مستدام للدخل.
لنكون صادقين مع أنفسنا، لقد مللنا وأصابنا اليأس ونحن نستمع الى تخديرات بعض كبار المسؤولين عن التخطيط يصرحون لنا بين الحين والحين بأن اقتصادنا يسير بخطى حثيثة سنويا لتنويع مصادر الدخل بينما الحقيقة ان ما يخيّل اليهم أنه تنويع لمصادر الدخل هو في حقيقته فقط مجرد مكرر دوران ريال البترول تتداوله الأيدي وبمجرد جفاف بترول حقل الغوار ستتوقف عجلة اقتصادنا عن الدوران.
يوجد احتمال أن يحافظ الدولار على قوته أو على الأقل لن يتراجع كثيرا عن مستواه الحالي وهذا سيضعف الطلب على البترول لأن الدول المستوردة ستحاول إحلال الفحم ومصادر الطاقة البديلة الأخرى المتاحة بقدر إمكانها وكذلك تأجيل الطلب غير الضروري كالمخزون الأستراتيجي (أو السحب ضئيلا مؤقتا منه) ولذا إذا لم تخفّض الدول المصدرة للبترول إنتاجها سيواصل سعر البترول الانخفاض تدريجيا ولكن حتى لو وصل السعر الى حوالي 80 (وليس 93 كما تزعم بعض التقارير) دولاراً لن يحدث عجز في ميزانية المملكة لتغطية المصروفات المعتمدة فعليا لعام 2014 ولكن ستنخفض فوائض الإيرادات الكلية مما سيدفع المملكة وعلى رأسها وزارة المالية الى إعادة ترتيب أولوياتها للسنة القادمة.
إعادة ترتيب الأولويات لتتلاءم مع انخفاض الإيرادات يعني سيكون هناك ضحايا ونخشى أن تكون أحد الضحايا شركة الاستثمارات الصناعية. فنحن حتى الآن لا نعرف ماذا يدور وراء الكواليس بين الجهات الثلاث وليس واضحاً لنا ماهو دور كل جهة في إدارة الشركة وبالتالي من الجهة التي نلومها بالتأخير.
لكن الذي يبدو ان صندوق الاستثمارات هو الملوم الأول ليس فقط لأنه المشارك الأكبر برأس المال بل أيضا لأننا حتى الآن نسمع ضجيجه ولا نرى طحينه، فليبادر الآن ليكون له دور مباشر (وليس مجرد ممول) في إنشاء صناعة وطنية تقودها الحكومة تقوم على أيد وطنية كبذرة لتنويع مصادر الدخل.
نقلا عن الرياض
هي الضحيه فعلا