قبل سنوات، قمت مع زملاء بعمل دراسة ميدانية مسحية حول قبول السعوديين بالأعمال البسيطة مهما كانت طبيعتها، وقد غطت الدراسة مناطق المملكة كافة من خلال مقابلات شخصية لمواطنين ومواطنات أُجريت من قبل مواطنين ومواطنات.
وقد كانت النتائج حاسمة؛ فقد قال نحو 75 بالمائة من العينة إنهم يقبلون بعروض عمل مهما كانت بسيطة، ما دامت لا تخالف الشرع الحنيف؛ وأبلغ التسبيبات كانت: ما دام العمل موصفاً ومصنفاً ضمن وظائف الشركة فهو مهم، وأنا على استعداد للقيام به، لكن إن كان خطيراً فلا بد أن يدفع لي بدل، وإن كان ثقيلاً على النفس فلا بد من بدل. وآخر قال: لا يوجد عمل مهين، نحن من يجعل العمل مهيناً بنظرتنا له رغم احتياجنا له.
وأدرك أن كلاً منا يتطلع أن يحتل هو أعلى و«أرقى» الوظائف، ويتمنى ذلك لأبنائه، لكن سيبقى المجتمع بحاجة لمن يقوم بكل الأعمال دونما استثناء. وهذا ما كان عليه الوضع في السابق، عندما كانت البلاد خالية تقريباً من العمالة الوافدة.
ورغم أن العادات تتفاوت من جهة لأخرى، لكني أذكر حيث نشأت أن الحلاق كان مواطناً، والجزار مواطناً، والفران مواطناً، وسائق التاكسي مواطناً.
وما زلت أذكر، في طريقي من الرفعة إلى القيصرية عندما مررت بدكان الحلاق وقد تحول إلى حجام؟ بل كانت القيصرية تعج بالبائعين المواطنين في محلات الأرزاق على تنوعها، ومحلات العطارة والملابس والبشوت.
ولم يقتصر الأمر على بيع التجزئة والجملة، بل حتى عندما تتحول إلى ما يعرف بالشارع الملكي، وهو الشارع الرئيس في وسط الهفوف القديمة (الديرة) كنت ستجد من يبيعون قطع الغيار ومن يصلحون السيارات من أبناء البلد، والصورة أوضح في قطاع الزراعة إذ كانت مغطاة بالكامل بالعمالة المحلية.
ما الذي يحدث؟! ثمة شيء تغيّر فينا، أصبحنا نشترط فيما نعمل أو لا نعمل، فقد أصبح «البرستيج» أهم من العمل!
في حين أنه في السابق كان الحرص هو على العمل والسعي للبحث عما هو أفضل، ولتفادي «العيب الاجتماعي» كان البعض يتغربون بعيداً بحثاً عن أي عمل يوفر دخلاً، فمنهم من عمل حمالاً في الفرض والموانئ، ومنهم من سافر على ظهور سفن الغوص والشحن للقيام بأعمال مساندة، وحتى عندما قامت أرامكو، تدفق عليها الراغبون في العمل من كل حدب وصوب، فنجحت في توظيف الآلاف من المواطنين، وهو أمر لم يعهده سكان البلاد من قبل، فكانوا يقومون بشتى الأعمال دونما استثناء، وتدرج الكثير منهم، وابتعث ونجح.
وحالياً، ومع المبادرات العديدة لتوظيف السعوديين والسعوديات، نجد أن هناك من ينظر لجهد التوطين وكأنه «وهقة»، المواطن يريد وظيفة براتب ومزايا وصاحب العمل يريد شخصاً منتجاً.
يبدو أن هذه «الوهقة» تجسدت في ظواهر مؤلمة، منها العمالة الوهمية؛ أن يعمل الشخص ليتلقى أجراً نظير قيده في السجلات، وأن يقيده صاحب العمل ليكون في النطاق الأخضر ويحصل على مزيد من العمالة الوافدة.
وعلى الرغم من أن الكثير يمكن أن يقال في مثل هذه الظواهر المَرَضية، لكن النقطة هنا أن ثمة شيئا بحاجة لإصلاح، قد يكون في تفهم اليافعين منا لمعنى العمل ولتوقعاتهم منه.
ومع ذلك يجب ألا ننكر الأهمية المحورية للأجر؛ فالشاب ليس بحاجة لمواعظ ليصبح منتجاً، فحاجته هي للمال الذي من خلاله سيتمكن من الحصول على استقلاليته والحفاظ على كرامته من ذل السؤال بما يمكنه من توفير احتياجاته.
الأجر يتخزل كل ذلك، فالشاب سيُقدم على العمل لدى الشركة المحترمة ما دامت تمنحه أمرين: أجراً مُجزياً مُنافساً يرغمه على البقاء، وقائمة مهام تؤدي لخطٍ صاعدٍ نحو المستقبل.
بمعنى أن كل ما هو مطلوب من أصحاب الأعمال تقديم أفضل أجر ممكن مقروناً بما هو مطلوب من الشاب نظير حصوله على الأجر، ويجب أن يكون «المطلوب» محدداً ويشمل أفقاً لتطوير الموظف حفاظاً على دافعيته، أما أسلوب: هاك ثلاثة آلاف و«إنطق» على الكرسي، فلن يخلصنا من «الوهقة»!
نقلا عن اليوم
لا شك ان العائد هو الاساس حتى لو كانت الوظيفة جامع قمامة فكل ما عظم العائد ازداد الراغبين بالوظيفة وحرص من يعمل على الحفاظ عليها بالانضباط والانتاج.
انا ابن المدينه ورايت من صفات البدوي اوالقروي صفات عجيبه لاياكل دجاج ولا ملوخيه ويانف عمل النظا فه اوغسل صحون ولا حمامات يبيع فحم وحطب وقرب ماء والهنود يعملون بقيه المهن المربحه العقليه المتخلفه لازالت تسري
لابد من النظرة الى الأجر فالعامل ينظر في مايسد رمقه ثم ينظر الى الافضل . فتخيل راتب موظف اقل من 4000 ريال هل يستطيع بناء أسرة في هذا الزمن . نحن ياعزيزي في صراع بين رجال الأعمال وبين العمال والدولة لم تستطيع حل موضوع السعودة بل زادتها بله وبقي الصراع رجل الأعمال يريد أقل تكلفة والعامل يريد زيادة في راتبه لانه لايكفيه ويبقى بالبحث حتى يرضى ولو باليسير منتظرا فرج الله في تعديل أوضاعه .