تكلمت في مقال سابق عن أهمية حفظ أسرار العمل وعدم المنافسة كما هو موضح في المادة الثالثة والثمانين من نظام العمل السعودي والتي تنص على أنه إذا كان العمل المنوط بالعامل يسمح له بمعرفة عملاء صاحب العمل، أو بالاطلاع على أسرار عمله، جاز لصاحب العمل أن يشترط على العامل ألا يقوم بعد انتهاء العقد بمنافسته أو إفشاء أسراره، و(يجب) لصحة هذا الشرط أن يكون محرراً ومحدداً من حيث المكان والزمان ونوع العمل، وبالقدر الضروري لحماية مصالح صاحب العمل المشروعة، وفي كل الأحوال يجب ألا تزيد مدة هذا الاتفاق على سنتين من تاريخ انتهاء العلاقة بين الطرفين.
في الفترة السابقة ومن تجارب عايشتها حول هذه المادة، كانت مكاتب العمل حريصة ومتفاعلة عند الإخلال بهذه المادة، ولكن ما يحدث في الوقت الحالي غير ذلك، فالتفاعل كان ضعيفا جداً وأحياناً يصل إلى التجاهل عند إبلاغك كصاحب منشأة عن مخالف لهذه المادة مع العلم أنه لم يتم أي تعديل عليها حتى الآن، ومثال على ذلك كان لأحد رواد الأعمال الذي حكى لي معاناته مع بعض العمالة غير السعودية الذين يعملون في إحدى منشآته وتم تدريبهم بأفضل تدريب وكانت نتيجة ذلك حصوله على العديد من الجوائز التي يفخر بها أي رائد أعمال، وبعد ذلك بدأ منافسوه بإغراء عمالته ومحاولة زعزعة استقرارهم في وظائفهم الحالية وحثهم على الإضراب عن العمل حتى يتم الضغط عليه لترحيلهم، ولم يجد حتى الآن أي اجابة شافية من مكتب العمل أو حتى إنصافه في تطبيق النظام.
لا أعلم ما السبب الرئيسي في التفاعل الضعيف من مكتب العمل حول هذه المادة في الوقت الحالي، والأقرب إلى ذلك هو أحد الأمرين: إما أن يكون مفتشو مكاتب العمل الحاليون غير ملمين بهذه المادة وغير مهتمين بأهميتها، أو أن هناك ضغوطات خارجية على وزارة العمل في تطبيق هذه المادة مثل ضغوطات هيئة حقوق الإنسان ومنظمة العمل الدولية، مع أني أتوقع ان يكون هناك ضغوطات من هيئة حقوق الإنسان وأستبعد أن يكون هناك أي ضغوطات من منظمة العمل الدولية حول هذه المادة بعد مراجعتي للاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة معها والتي لا تشمل أيا منها على ذلك.
في مثل هذه الحالة وإذا تم الاستمرار في تجاهل أهمية هذه المادة، فسيتسبب ذلك في فوضى داخل سوق العمل وسيكون هناك تأثيرات اقتصادية سلبية على المديين القصير والبعيد، وستضغط بذلك العمالة الغير سعودية على كفلائهم لزيادة الأجور والمنافع، وستتدهور حال الكثير من المنشآت خصوصاً الصغيرة والمتوسطة منها.
نقلا عن اليوم