متأخرة عن موعدها المعلن بما لا يزيد على 48 ساعة، أعلنت وزارة الإسكان السعودية في الثاني من ذي القعدة الجاري، أسماء 620 ألف مستحق للدعم السكني، من إجمالي 960 ألف متقدم بطلب الدعم السكني، عبر بوابة الوزارة الإلكترونية.
الإعلان أسقط بعض المستحقين فعلاً للدعم السكني، ما جعل الوزارة تفتح باب الاعتراض لهؤلاء، للتقدم بما يثبت عدم تملكهم سكناً. وكان رفض غالبية الطلبات لثلاثة أمور:
الأول: وجود «عداد» كهرباء باسم المتقدم، ورفض الطلب لا يصح، فالعداد قد يكون على بيت شعبي أو حوش أو مزرعة.
الثاني: تملّك أحد أفراد الأسرة أرضاً أو مسكناً، وهو مبرر لا يصح، فالأصل هو رب الأسرة المسؤول عن توفير السكن لها، وما لم يكن مالكاً فلا يجوز حرمانه بدعوى تملك غيره ممن ليس مسؤولاً شرعاً ولا عرفاً عن إسكان الأسرة.
الثالث: استبعدت الوزارة أيضاً من بلغت إقامتهم أكثر من 90 يوماً خارج المملكة بشكل متقطع أو مستمر خلال الـ12 شهراً السابقة، وهو استبعاد لا يصح أيضاً، فمعظم هؤلاء طالب مبتعث، أو عامل في قنصليات وممثليات المملكة في الخارج، أو مواطن في رحلة علاجية تتطلب إقامته طويلاً خارج المملكة، ولا مبرر لحرمان هؤلاء.
هذه الأسباب الثلاثة منعت استفادة 340 ألف متقدم من الدعم السكني، إلا أن الجيد أن الوزارة أعلنت أيضاً في الوقت نفسه، أن هؤلاء يمكنهم التقدم باعتراض، وبما يثبت عدم صحة المبرر الذي حرموا بسببه من قائمة المستحقين.
وكان الأفضل لو بقي هؤلاء «معلقين» أسوة بمن لم تكتمل بياناتهم، كي يتقدموا إلى الوزارة بما يثبت باليقين استحقاقهم، ولاسيما أن مبررات المنع غير متفق على صحتها، كما ذكر، وبدليل توجه الوزارة لإلغاء المبرر الثاني - بحسب صحيفة الجزيرة - الإثنين الماضي، لأنه غير مبرر وغير منطقي.
بالعودة إلى الأثر المتوقع لإعلان أسماء مستحقي الدعم السكني على أسعار العقار المشتعلة في السعودية، وخصوصاً الأراضي، إذ انقسمت الآراء حيالها بين فريقين.
أولهما يقول بعدم التأثير بتاتاً، وهو رأي العقاريين غالباً، وثانيهما يتوقع انخفاضاً في أسعار العقار عموماً بنسب تتراوح بين 30 و50 في المئة.
ويقول أصحاب الرأي الأول إن معظم من شملهم الدعم السكني هم خارج السوق أساساً لضعف مقدرتهم الشرائية، وبالتالي فلن تتأثر السوق بخروج من هم خارجه أصلاً.
وهذا كلام إنشائي لا يصح، فالوزارة فصلت في إعلانها في جميع الصحف إثر إعلان أسماء المستحقين بيوم واحد، في كل شيء إلا مستويات الدخول للمتقدمين، فلم تعلن منها شيئاً، عدا تصريح مقتضب للوزير أشار فيه إلى أن من تقل رواتبهم عن 3 آلاف ريال لا يزيدون على 75 ألف مستفيد، وهذا يعني أن جل المستحقين من الطبقة الوسطى الموجودة في السوق، وليسوا من خارجها.
النقطة الأخرى التي يسوقها أصحاب الرأي الأول، هي أن عدد المستحقين كبير جداً، والوزارة لن تستطيع أن تعمل لهم شيئاً كبيراً، لمحدودية الأراضي، وسينتظرون عمراً طويلاً لتلبية طلباتهم، وهي نقطة قوية تؤيد هذا الرأي، ولاسيما مع الأخذ في الاعتبار كثرة وعود الوزارة، وتلويحها سابقاً بالضريبة وغيرها من الأمور التي لم يتحقق منها شيء.
أصحاب الرأي الثاني، يقولون إن ما أعلن يعني خروج 620 ألف مواطن من جانب الطلب، وهو ما نسبته نحو 35 في المئة من العدد الإجمالي من طالبي السكن في المملكة. وهؤلاء لن يدخلوا السوق مرة أخرى، وكل ما عليهم هو الانتظار حتى تمنحهم الوزارة أراضيهم أو وحداتهم السكنية المقبلة من خارج السوق أساساً.
كما يرى هذا الفريق أن ما أعلن هو دفعة أولى فقط، وما زالت بوابة الإسكان مفتوحة لتسجيل مستحقين جدد، كما أن تنازل الوزارة عن الشرط الثاني المذكور، ومراجعتها ملفات غير المستحقين وضم المستحق منهم إلى القائمة بعد التحقق من صحة اعتراضه، يعني أن عدد المستحقين سيكون أكثر مما أعلن فعلاً، وهو عامل قوي يدعم انخفاض الأسعار درجة تصل إلى 50 في المئة.
ختاماً، لاشك في أن هذا الإعلان سيؤثر في سوق العقار السعودية بدرجة أو بأخرى، إلا أن ما سيحدد درجة التأثير اقتصادياً ينحصر في ثلاثة أمور:
أولها: ضرورة إعلان الوزارة، وبالتفصيل دخول المستحقين، وهذه النقطة هي المحدد والفيصل في معرفة ما إذا كان المستحقون هم أبناء الطبقة الوسطى الذين هم داخل السوق فعلاً، أم أنهم، وبحسب ما يقول العقاريون، طبقة الفقراء الذين هم خارج السوق أصلاً.
ثانيها: إعلان الوزارة هذا الشهر - بحسب الجدول المعلن - ما لديها من منتجات ومشاريع سكنية، وبالتأكيد سيكون حجم ما تتملكه الوزارة من أراض خصوصاً هو المحدد لاتجاه السوق لاحقاً، ومدى تأثر الأسعار بها. وبمعنى أصح سيكون محدداً لنسبة الانخفاض في أسعار الأراضي، التي هي لب مشكلة السكن في السعودية.
الثالث والأخير، نسبة الإنجاز التي ستحققها الوزارة في المستقبل القريب، فالتصور العام عن إنجاز الوزارة طوال أعوامها القليلة الماضية ليس جيداً، وعلى الوزارة أن تثبت العكس وتضع جدولاً محدداً للتنفيذ، وتلتزم به، إن أرادت فعلاً حل أزمة الإسكان في المملكة.
نقلا عن الحياة