لقد بادرت حكومة المملكة العربية السعودية منذ سنوات بتطبيق إستراتيجية جيدة وهامة لتطوير بيئة قطاع الأعمال من خلال تحسين الأنظمة والإجراءات الحكومية لتكون واضحة ومرنة بحيث يستطيع رجل الأعمال السعودي أو الأجنبي الحصول على السجل التجاري أو الترخيص الصناعي بصورة سهلة وبوقت قصير، كما تم توفير إجراءات ميسرة لدخول رؤوس الأموال الأجنبية إلى المملكة لغرض إقامة مشاريع مختلفة سواءً بالجانب الصناعي أو العمراني أو التعليمي وغيرها.
إن بادرة تطوير قطاع الأعمال وسهولة الإجراءات الرسمية قد تحسنت كثيراً خلال العقد الماضي، ولكن بدأ الوضع يتراجع منذ ثلاثة أعوام بوجود البيروقراطية وكثرة المستندات المطلوبة وتعدد الاشتراطات النظامية مع الوقت الطويل جداً لإصدار الترخيص سواءً للشركات الأجنبية المستثمرة في السعودية أو للشركات المختلطة (سعودية / أجنبيــة)، بحيث أصبــح هذا الوضـــع مقلقا ويشتكـــي منه جميـــع قطاعـــات الأعمال، وقد تراجع ترتيب المملكة كآخر دولة خليجية في مؤشر ريادة الأعمال والتنمية لعام 2014م، كما أصبحت بالمرتبة (48) عالمياً بعد أن كانت بالمرتبة (28) عالمياً والوضع إنقلب كما يقال «رأساً على عقب» ورجال الأعمال لايعرفون سبب ذلك بدقة وشفافية، لأنه إذا كانت هناك أخطاء من السابق أو هفوات تم الوقوع بها نتيجة تسهيل واختصار الإجراءات الرسمية فإن العلاج لا يكون بالمنع أو التعقيد أو كثرة المتطلبات، بل المفروض إيجاد آليات مهنية دقيقة لحل المشكلة وتلافي الخطأ خصوصاً أننا الآن نمر بمرحلة هامة من نهضة بلادنا وتطورها حيث نحتاج بقوة إلى مشاركة القطاع الخاص في التنمية كما نحتاج دخول التقنية المتطورة مع استثمارات الشركات الأجنبية لبلادنا الغالية.
إن تراجع المملكة في مجال ريادة الأعمال يعتبر أمرا مقلقا وغير صحيح تماماً ويجب الوقوف على أسبابه وتحديد آليات العلاج وتنفيذها بسرعة مع التأكد بعدم عودتها نتيجة قرارات أو أوامر مسئولين لايتصورون أو لا يُقدرون خطورة وضرر هذا الأمر على نهضة بلدنا ونمو اقتصادنا الوطني، خصوصاً أن الدول المتقدمة الأخرى تبادر لتسهيل الأعمال فيها وتسوق لذلك وتطرح بين فترة وأخرى مبادرات وحوافز تشجيعية لدخول رؤوس الأموال الأجنبية وإقامة مشاريع ومصانع للإنتاج مما يساهم في تقوية دولهم اقتصادياً وزيادة فرص العمل لمواطنيهم... وإلى الأمام يا بلادي.
نقلا عن اليوم