مع ارتفاع أسعار العقار وانخفاض العائد السنوي الذي يحصل عليه المستثمر بالقطاع العقاري اتجهت الأنظار لسوق الأسهم للاستثمار وليس للمضاربة وبرزت المقارنات بين العائد الذي يحصل عليه المستثمر العقاري والمستثمر بشركات السوق وتم شراء الكثير من أسهم الشركات الرابحة التي كان العائد السنوي الموزع يتناسب مع السعر السوقي حينها، إلا أن الكثير من أسهم الشركات الرابحة كان هناك تردد في الإقبال عليها بسبب عدم تناسب الأرباح الموزعة مع حجم أرباح الشركة الكبيرة التي تحققها سنويا والسعر السوقي.
فالمتتبع لتوجهات المستثمرين سيجد أن هناك تباينا كبيرا بين أهداف المستثمرين طويلي الأجل ومتوسطي وقصيري الأجل عند اختيار المسار الاستثماري بشركاتنا التي تختلف في خططها ونسب نموها وآلية تمويل استثماراتها المستقبلية وسياساتها تجاه الأرباح التي توزعها سنويا، ولكون المستثمر طويل الأجل يعطي أهمية للشركات التي تتطلع لتحقيق نمو مستقبلي وتستخدم كل مواردها النقدية لدعم ذلك النمو، فانه لايهتم كثيرا بنسبة الأرباح الموزعة لعدم حاجته للسيولة النقدية أثناء مدة استثماره ولان تراكم الأرباح والاحتياطات المتنوعة للشركة يزيد من قوة مركز الشركة المالي وقدرتها على التوسع وتنويع الاستثمارات، في حين أن باقي المستثمرين ومعظمهم متوسطو الأجل يعطون أهمية كبرى لنسبة التوزيع السنوي للأرباح لحاجتهم للسيولة النقدية وخصوصا للشركات التي لديها استقرار في نسب التوزيع السنوي لأرباحها.
وتزداد الجاذبية أكثر من قبل كافة المستثمرين للشركات التي تحقق التوازن بين حاجتها للتوسع وتنويع استثماراتها وحاجة المستثمر بها للعائد من استثماره، فتلك الشركات - وإن كانت محدودة في سوقنا - نجدها تحرص على استفادة ملاكها من أرباحها أولا بأول إما بتحويل الأرباح كل فترة لأسهم لرفع رأسمالها ومنح مساهميها المزيد من أسهمها كإبراز لنموها وتوسع أنشطتها او إيداعها بحسابات مساهميها كأرباح سنوية نقدية تعزز استمرار الفكر الاستثماري لمساهميها، وهي شركات مازالت تحظى بإقبال المستثمرين لثقتهم في استقرار سياسة إدارة تلك الشركات وتفعيلها السريع لخطط التطور وعدم حجبها لتلك الأرباح عن مساهميها لسنوات وقدرتها على توفير السيولة النقدية اللازمة للتوزيع.
إن قرارات المستثمرين تعتمد على التوازن بين ما تحققه الشركة من أرباح سنوية ونمو متوقع والربح الموزع والسعر السوقي، وقد اتضح من التوجه الاستثماري بالسوق أن الشركات التي عرف عنها النمو والاستقرار بالتوزيعات السنوية قد حظيت بإقبال المستثمرين عليها مبكراً باعتبار أن نسبة التوزيع السنوي مقارنة بسعر الشراء تمثل الحد الأدنى من الأرباح التي يحصل عليها المستثمر بالشركة في ظل ارتفاع أسعار العقار وانخفاض الفائدة السنوية علاوة على الاستفادة من الارتفاعات التي قد تحدث في أسعار الأسهم بسبب تدفق السيولة على السوق، فتناسب الربح الموزع مع الأرباح المحققة أصبح مطلبا للمستثمرين للحصول على عائد معقول لاستثماراتهم في ظل بيئة استثمار مستقرة، ولكن يبقى انه عندما تستهدف المضاربات مثل تلك الشركات فإن قرارات المستثمرين بتلك الشركات قد تتغير عند ارتفاع السعر السوقي للسهم عن المستوى الاستثماري المقبول، وسيتخلى كبار الملاك عن شركاتهم التي أسسوها لعدم توازن أرباح الشركة ونموها مع السعر السوقي وهو ما يؤثر في الشركات بخسارة خبرات كبار المستثمرين بها ودعمهم لشركاتهم!
نقلا عن الرياض