سبق لمركز الحوار الوطني أن عقد جولات للحوار حول قضايا اجتماعية-اقتصادية مثل العمل والتعليم، ولعل من الملائم إطلاق جولة موسعة للحوار الوطني بعنوان «المأوى والاستقرار الاجتماعي».
أما موجبات عقد الجولة وتخصيصها لتناول الإسكان بعمق، فهي متعددة، لعل أهمها إزالة الضبابية وتعزيز الشفافية من خلال وضع المجتمع السعودي في أجواء وزارة الإسكان وما تفكر فيه كخيارات لحلحلة أزمة السكن، وسيساهم ذلك في إشراك المجتمع بمستجدات وآفاق الإسكان في المملكة، والاجابة عن تساؤلات من نوع: هل ترى الوزارة أن هناك أزمة أو مشكلة أو صعوبة في توافر المسكن؟
وما منظور الوزارة ورؤيتها وخطتها العامة والتنفيذية للتعامل بما هو مناط بها؟ وما تراه الوزارة كنطاق عمل عليها هي القيام به وتنفيذه، وما الأدوار التي تراها للجهات الحكومية الأخرى بما في ذلك الصناديق التنموية والقطاع المالي والمصرفي وللقطاع الخاص وللمستثمرين وللمقاولين ولجمعيات النفع العام وللمواطنين؟
ولعل الوزارة تعرض في جولة الحوار تلك شريحة مرئية تحوي رسماً بيانياً، في بعد منه السنوات وفي البعد الثاني عدد الوحدات السكنية الجديدة التي ستدخل السوق سنوياً، وفي شريحة ثانية التغير السنوي في نسبة ملكية السعوديين للمسكن، وفي شريحة ثالثة التغيير السنوي في متوسط أعمار ملاك المساكن من السعوديين، وفي الشريحة الرابعة عدد الوحدات السكنية سنوياً مصنف لتلك التي ستبنيها الوزارة مقابل الوحدات التي سيطرحها القطاع الخاص والتي سيبنيها الأفراد، وشريحة خامسة للتغير السنوي الحالي والمتوقع من عجز/ فائض في الوحدات السكنية في حواضر المملكة لكل حاضرة على حدة، بحيث نعرف مثلاً هل يوجد عجز في نماص وكيف سيعالج مع مرور الوقت عاماً بعد عام، أو في البكيرية أو شرورة أو العمران أو بيشة أو رفحاء أو ضباء أو صفوى.
وبعد تقديم العرض المرئي ذي الخمس شرائح يطرح الأمر للنقاش أمام ثلة من المهتمين وأصحاب العلاقة، وبالقطع فصاحب العلاقة الأول هو المواطن ممن يسعى لامتلاك سكن والشاب الذي يدفع أجرة متصاعدة لمسكنٍ لا يملكه.
وستساهم جولة الحوار الوطني في إلقاء الضوء على جوانب ضبابية (ولا أقول مظلمة) من قضية السكن من خلال إبراز حقائق عنها بعد أن قضت الوزارة سنوات في دراسة الأوضاع، لعل ذلك يساهم في الفرز بين ما هو واقع وما هو مجرد انطباعات وافتراضات خاوية، وستتاح الفرصة للوزارة لتعرّف: بما لديها من حلول، وما أنجزته حتى الآن، وما ستنجزه –بحول الله تعالى- في السنوات القادمة.
كل ذلك سيجعل المجتمع يفطن لما يدور في دهاليز الوزارة من مساعٍ لإيجاد حلول توفر مساكن للمواطنين، بما يجعل المشاركين على وعيٍ بما يطرحونه من أسئلة ومقترحات وأفكار لتناقش مع مسئولي الوزارة.
وبالقطع فجولة الحوار الوطني حول الإسكان ستكون ثرية بالفعل؛ فجلسة منها ستخصص لوزارة الإسكان لتعرض ما لديها بما في ذلك الشرائح الخمس، وليخضع ذلك للنقاش من قبل الحضور، وجلسة ثانية للتجارب السعودية السابقة والقائمة بما في ذلك تجربة أرامكو السعودية والجبيل وينبع والقطاعات العسكرية والأمنية، وجلسة ثالثة حول الأراضي وتوافرها وأسعارها بحضور المختصين في الأمانات والبلديات وأرباب تجارة الأراضي في المملكة، وجلسة رابعة لمطوري الإسكان (أي من يبنون الوحدات السكنية) ومعهم المقاولون وأصحاب الخبرة الميدانية في السوق وأدواتها ومعوقات التنفيذ كما هي على أرض الواقع وليس كما يتصورها القابعون في مكاتبهم، وجلسة خامسة للحلول التمويلية تشمل القائم وما هو متوقع له أن يستجد نتيجة لتطبيق أنظمة التمويل والرهن، وبطبيعة الحال سيدعى لهذه الجلسة المختصون من الصناديق ذات الصلة ومن وزارة المالية ومؤسسة النقد والبنوك التجارية ومؤسسات التمويل العقاري.
ولا بأس من جلسة سادسة لتجمع شتات ما نوقش في الجلسات السابقة، فتبلور الجلسة الختامية الوضع الراهن وما ستؤول إليه قضية السكن في المملكة في القادم من السنوات.
من المهم عقد هذه الجولة في أقرب فرصة، فالحديث عن الإسكان يهم كل شخص، ففي نهاية المطاف لابد لأي منا من مأوى، واليافعون ممن هم في مقاعد الدراسة الجامعية سيطلبون امتلاك سكن أو استئجاره قبل نهاية الخطة الخمسية العاشرة، ولعل من المفيد التذكير أن الخطة الخمسية التاسعة صارحتنا بما نحتاجه من مساكن، لكنها انقضت دون أن نحقق ما كانت تنادي به.
نقلا عن اليوم