قطاع التأمين في الوقت الحالي نتائجه والمأمول منه لا يتناسب مع مكانة المملكة الاقتصادية، وإن لم يتم إعادة تنظيمه سيسبب كارثة اقتصادية، والمؤسف أن هذا القطاع بالرغم من تزايد أهميته خلال السنوات الماضية إلا أن الاهتمام فيه ما زال ضعيفاً ولا يليق بمكانة المملكة الاقتصادية، فالقطاع كان له نصيب كبير في التلاعبات والتخبطات التي طال السكوت عنها؛ وذلك بسبب الاستراتيجيات العقيمة من خلال تقديم أسعار خدمات متدنية بهدف الاستقطاب فقط، في ظل المنافسة الهمجية وغياب الرقابة، والتي أدت إلى إهمال الأسعار الفنية العادلة المساوية للأخطار، والذي أدى في نهاية المطاف إلى دخول شركات التأمين في دوامة الخسائر المتراكمة.
تحديات وعقبات عديدة تواجه هذا القطاع، ومن أهمها الجوانب الشرعية التي تحد من نمو الكثير من منتجات التأمين في السوق المحلي، إضافة إلى النتائج المالية لأغلب شركات التأمين، والتي كانت محبطة، وأدت الى استنزاف لأموال المستثمرين فيه دون أي تحرك سريع وجاد لإيقاف (التخبط) في القطاع الذي يعتبر من أهم القطاعات في المملكة، والذي دخل في موجة سلبية خطيرة، ويتطلب أن يكون هناك تدخل حكومي عاجل لإنقاذه؛ لأنه لم يضف أي قيمة حقيقية للاقتصاد وتحول الى قطاع مضاربي متضخم فقط لا غير.
الثقافة التأمينية في المجتمع السعودي ما زالت ضعيفة وهي سبب رئيسي في عدم نمو هذا القطاع وتطوره، ومن أسباب ضعفها النظرة المتشككة في مشروعية التأمين وقلة الثقة؛ بسبب خبرات ماضية سيئة وعدم التقدير لأهمية العملية التأمينية ودورها الاقتصادي والاجتماعي ومستوى الخدمات التي تقدمها شركات التأمين، وحتى يكون لدينا قطاع تأمين يخدم الاقتصاد لا بد من تنظيمه بإعادة النظر في المعايير التي يتم الاعتماد عليها في تطبيق الأنظمة، وتطوير كفاءات محلية في نفس المجال وعدم الاعتماد الكامل على خبراء التأمين الدوليين في فك عقدة هذا القطاع، ويجب أن يكون تركيز شركات هذا القطاع في خدمة الاقتصاد المحلي وعدم التركيز فقط على الاستمرارية التخبطية بغض النظر عن الأداء، ومن المهم للفترة القادمة التوجه الى مرحلة الاستحواذ والاندماج، والتي تعتبر الخيار الأمثل في الوقت الحالي لإنقاذ هذا القطاع.
المرحلة المقبلة مهمة جداً وتحتاج إلى دعم العملية التأمينية؛ لما لها من دور اقتصادي كبير، ونتمنى أن يشهد قطاع التأمين تغيراً ملموساً خلال الفترة القادمة، وذلك بالبدء في زيادة الوعي والثقافة التأمينية للمجتمع ووجود استراتيجية واضحة لسوق التأمين وتطوير كفاءات وطنية في نفس المجال، إضافة الى وجود جهة قضائية مختصة للبت في النزاعات.
نقلا عن اليوم