كتبت في هذه الزاوية أكثر من مرة عن فكرة ولوج قطاعاتنا الحكومية في مجال الاستثمار وتأسيس الأوقاف التي يمكن أن تدر دخلا ثابتا على تلك القطاعات وتساهم بفاعلية في تحقيق استدامة لبرامجها المختلفة التي تصب في خدمة إنسان هذه الأرض المباركة.. وكنت ولا أزال أطالب "بشدة" بمبدأ الاستثمار الحكومي داخل الوطن من خلال كافة القطاعات الحكومية بحيث تسهم في معاضدة جهود الدولة في خدمة مجالات التنمية المجتمعية الاقتصادية ومساندة ميزانيات الدولة أيضا.. وكنت أتمنى أن تبدأ بعض القطاعات الحكومية في مسألة الاستثمار الوقفي على برامجها وأنشطتها الوطنية، فمثلا لو تبنت وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد تأسيس أوقاف خيرية للصرف منها على المساجد والجوامع من حيث الصيانة ومرتبات العاملين بها كالإمام والمؤذن وعامل النظافة مثلا لربما وصلت بها الحال لعدم احتياج كافة مساجد وجوامع الوطن لأموال من الميزانية العامة للدولة إلا في مسألة الإنشاء بل ربما استغنت عن دعم الدولة لها حتى في مسألة تشييد المساجد والجوامع داخل الوطن كما أن مثل هذا "الفعل الوطني" ربما جعل من وظيفة المسجد أكثر فاعلية حيث يمكن تأجير مساحات معينة للبريد أو الهاتف أو الكهرباء أو غيرها من الخدمات فضلا عن المغاسل والتموينات وما شابهها وكنت اقترحت على أحد أئمة جوامع الحي الذي أسكنه بناء عدد من الغرف ملاصقة للمسجد من أجل تأجيرها على أصحاب المنازل التي لا تتوفر فيها غرف للسائقين شريطة أن يكون المستأجر مسلما وبحساب بسيط ومتواضع اتضح أن مثل تلك الغرف الصغيرة يمكنها أن توفر إيرادا ماليا يجعل المسجد يستطيع تقديم كافة أنشطته وبرامجه دون الحاجة لدعم من أي جهة أو فرد.. كما كنت أعتقد أن جهة حكومية كوزارة الشؤون الاجتماعية مثلا يمكنها الاستثمار من خلال وكالتها للضمان الاجتماعي أو وكالتها للتنمية الاجتماعية بحيث تستطيع يوما من الإيام توفير نسبة عالية من ميزانياتها بصفة ذاتية كما أن عليها "وهي فاعلة جدا في هذا المجال" تفعيل وتوجيه القطاعات الخيرية غير الربحية كالجمعيات والمؤسسات الخيرية والتعاونية للعمل الجاد على استثمار الأموال وتأسيس الأوقاف الخيرية التي تساهم في توفير موارد مالية ثابتة تحقق لها مفاهيم الاستدامة.. ولعل في جهود بعض قطاعات العمل الخيري المحلي ما يمكن أن يعتبر أنموذجا متميزا في هذا المجال.
دعواتي السابقة للقطاعات الحكومية للاستثمار الوطني خدمة لوطننا العزيز عززتها وبقوة ما أشير إليه من أن محافظ الهيئة العامة للاستثمار ذكر أن المقام السامي الكريم وجه الجهات العليا مثل الوزارات بضرورة إعداد خطة استثمارية وذلك بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار ورفعها للمجلس الاقتصادي الأعلى وأن الهيئة العامة للاستثمار تعتزم إصدار أطلس استثماري للمملكة يوضح كافة الفرص الاستثمارية المتاحة للمستثمرين.
أعتقد أن توجه القطاع الحكومي بكافة جهاته للاستثمار داخل الوطن في المجالات التي يحتاجها الوطن ستساهم بشكل قوي في دفع الحراك الاقتصادي والتنموي المجتمعي الوطني ولكم أن تتخيلوا توجه عدد كبير من القطاعات الحكومية للاستثمار في مجال الاسكان مثلا الذي يشكل معضلة مجتمعية تشوه وجه التنمية المجتمعية الوطنية .. فهل يشهد قادم الأيام حراكا استثماريا من قبل قطاعاتنا الحكومية في مجالات متعددة؟
إنها أمنية.. ودمتم.
نقلا عن الرياض